لا تصنعوا من المجاهدين منافقين!!

لا تصنعوا من المجاهدين منافقين!!
نور رياض عيد
لم أشعر بالفرح حينما رأيت التعميم الداخلي الذي تم نشره –بالخطأ- على الفيس بوك، والذي أصدرته إحدى كتائب القسام، والذي يمنع أبناء القسام من إقامة الحفلات حتى الإسلامية على اعتبار أنها ماجنة.
وسأشعر بالأسف الشديد إن كان لهذا التعميم تعميمات مماثلة تصدر داخل التنظيمات الفلسطينية تتعلق بالحياة الخاصة للمنتمين.
وسأكتب هنا هذه الكلمات متمنيًا أن تنقل إلى الأماكن المناسبة، خاصة قيادات الأذرع الفلسطينية الإسلامية المسلحة –والتي من المتوقع أن يعجبها القرار فتكرره- هذه الأجنحة التي نغار عليها ونعول عليها، وننتظر منها الكثير، ولذلك ننتقدها.
ومن وجهة نظري أن فكرة هذا التعميم وأمثاله خاطئة من عدة أوجه:
أولًا: نتفق جميعًا أن من حق بل من الواجب على أي جهاز عسكري أو أي تنظيم أن يصدر ما شاء من اللوائح والقوانين التي تتعلق بعمله، مثل القوانين المتعلقة بطبيعة العمل، أو باستخدام السلاح، أو ما شابه... لكن هل من حق التنظيم أن يصدر قوانين هي أشبه بالوصاية على الحياة الخاصة لأبنائه؟ (انظر مقال: حقوقي على تنظيمي على مدونتي) وكلامي هنا متعلق بالحياة الخاصة بالدرجة الأولى.
ثانيًا: لنبتعد عن الحسم في المسائل المختلف فيه، مثل:(الموسيقى - الدبكة الشعبية – التصفيق- رقص الشباب بضوابط .. إلخ) هذه مسائل اختلف فيها العلماء، فلنترك كل شاب يتبنى القول الذي يرتاح إليه ضميره.
ثالثًا: على التنظيم أو الذراع المسلح أن يقوم بتربية أبنائه وتوجيههم، وليجتهد في ذلك، ثم ليترك أبناءه على طبيعتهم أحرارًا، فإن وجد فيهم خللًا فليعد إلى وسائل تربيته يقومها ويعدلها، لكن أن يضع نفسه رقيبًا عليهم يريد أن يحاسبهم على طريقة مشيهم، وتعاملهم، وزواجهم، و.. فليس التنظيم رقيبًا على أبنائه.
القيادة القوية والذكية هي التي تحرص على رؤية أبنائها كما هم دون أقنعة.. وهذا لا يكون إلا بأن يعيش كل شاب حياته بحرية كاملة، ثم لنأتِ بعد ذلك للتقييم والتقويم، ولنراجع مناهجنا ووسائلنا التربوية.
رابعًا: هل نرتاح لذلك النموذج المتناقض؟ نموذج بعض الدول الخليجية التي تفرض على بناتها ارتداء النقاب، فإذا غابت رقابة الدولة عن المرأة خلعت النقاب، بل خلعت الجلباب.. أهذا نموذج يعجبنا؟! ماذا لو خاف الشاب من نظراتنا فاكتفى بحفلة كما نريد نحن، وقلبه من الداخل يتوق لنوع آخر من الحفلات؟ أهذا يسعدنا؟ ماذا لو أمسى الشاب ينتظر غياب عين الرقيب عنه ثم يفعل ما أخفاه قلبه في صالة الفرح؟
خامسًا: العمل العسكري في الأذرع المسلحة قائم على التطوع، والمتطوع لا يحق لنا أن نكثر من فرض القوانين عليه، فلنساعد المتطوع ولنقدم له التوجيه والإرشاد ثم لنتركه يخوض غمار الحياة، وربه هو الذي يحاسبه، إلا إن أخطأ خطأ يتعلق بطبيعة العمل الذي يقوم به.
سادسًا: إن الأخطاء التي تستحق منا أن نغضب هي تلك الأخطاء المتعلقة بظلم الناس، والاعتداء عليهم، والتي تسيء بحق للذراع المسلح، فهي تجعل الناس تنظر للمجاهد على أنه ظالم جبار يستغل موقعه في العربدة، بدلًا من أن تنظر إليه على أنه حاميها وحارسها، وأنه اليد الحانية والقلب الرحيم الذي يحتضنها.. أما أن نصدر قرارات متعلقة بالحياة الخاصة لمجاهدينا دافعها الرئيسي هو الخشية من أن يقول بعض الناس عنا كذا وكذا.. فهذا لا أؤيده؟
سابعًا: يحسن بالقيادة أن تصدر لعناصرها تعميمات تربوية توجيهية فيما يتعلق بحياتهم الخاصة، بعيدًا عن سياسة التهديد بالعصا الغليظة، (العقوبة والفصل)
في الختام هذه وجهة نظري – وقد تكون خاطئة وأسأله تعالى أن يغفر لي خطئي- أرى أنه من الواجب عليّ ألا أكتمها، خاصة وأنني رأيت احتفاء بعض الشباب بهذا القرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

تعليقات

  1. كلام رائع شيخ نور ويجب أن يُؤخذ به
    بارك الله فيك :)

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟