حول إعدام شتيوي!!

حول إعدام شتيوي!!
نور رياض عيد

رحم الله أخانا، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته..
وكان الله في عون أهله وعائلته، وكان الله في عون كتائب القسام وهي تأخذ وتنفذ قرارًا كهذا في حق أحد أبنائها، فالقسام أب حنون، اضطر أن يعاقب أحد أبنائه، وكأني بالقيادة في كتائب القسام، تأخذ هذا القرار والدموع تسيل من عيونها، وَلِمَ لا تبكي القيادة المخلصة؟؟ وأحد أبنائها يسقط، وكانت تتمنى لو تزفه شهيدًا في عملية جهادية، أو مهمة إعدادية، ولكن قدر الله نافذ وأمره ماضٍ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ ثُمَّ بَكَى، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي؟ فَقَالَ: «وَكَيْفَ لَا أَبْكِي وَأُمَّتِي تُقْطَعُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا عَفَوْتَ عَنْهُ؟ قَالَ: «ذَاكَ سُلْطَانُ سَوْءٍ الَّذِي يَعْفُو عَنِ الْحُدُودِ، وَلَكِنْ تَعَافَوْا بَيْنَكُمْ» [مسند أبي يعلى بإسناد ضعيف].
وأمام هذا الحدث الأليم أكتب هذه النقاط، سائلًا ربي أن يرينا الحق حقًا وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا وأن يرزقنا اجتنابه..
أولًا: من الواجب علينا أن نكف ألسنتنا من الولوغ في عرض الأخ الذي قتل اليوم، وأن نتقي الله فيه وفي عائلته، وألا نعتبر الحدث فاكهة لمجالسنا، وألا تتخذه الأحزاب وسيلة لتحريض عائلته، فالجرح عظيم، والنزف أليم، ولنتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ» [سنن أبي داود بإسناد صحيح].. خاصة وأننا لم نطلع على تفاصيل الحدث، وكل ما نسمعه هو أخبار تحتمل الصدق والكذب، ولو صدقت فماذا سنستفيد من تردادها؟
ثانيًا: من الواجب أن يتم تحديد حدود التنظيم –مهما كان هذا التنظيم- في ظل دولة مدنية، أين تبدأ صلاحيات التنظيم وأين تنتهي ؟؟ فحماس في غزة تقدم نفسها على أنها حكم مدني، وليس حكمًا ثوريًا أو عشائريًا، فهي تعمل وفق القانون الفلسطيني، ولا تقبل لأي مواطن أن يتجاوز القانون، وتعتبر حماس أن أعظم إنجازاتها هو إعادة الهيبة للقانون، لذلك فإن تنفيذ كتائب القسام لحكم الإعدام بحق أحد أعضائها، هو تجاوز للقانون.
وللتوضيح أكثر: تخيل لو قامت سرايا القدس أو ألوية الناصر أو .... بنفس الفعل.
ثالثًا: إن هذا الحادث وإن كان يدل على طهر القسام، وأنه يعمل على محاسبة المخطئ من أبنائه، إلا أن له انعكاسًا سلبيًا على أبناء القسام، فالمواطن العادي يصبح لديه حصانة أكثر من أبناء القسام، وذلك أن المواطن العادي مهما كان جرمه فإن القانون يكفل له محاكمة عادلة، وتوقيف محامٍ، وزيارة الأهل، و.... بينما القسامي حينما يخطئ فإنه يحرم من كل ذلك، بل لا يستطيع أهله الاطلاع على لائحة الاتهام.
رابعًا: إن وصول الشعب الفلسطيني –إلى حد ما- لمرحلة حكم مدني هي مرحلة متقدمة وراقية دفعنا ثمنًا كبيرًا حتى وصلنا إليها، وقد أورثتنا الانتفاضة الأولى آلامًا شديدة بسبب الحكم الثوري، لذلك يحسن بالجميع أن يعمل على تقوية القضاء الحكومي، وألا يسمح بأي فرصة للقضاء التنظيمي أو أي قضاء آخر.
خامسًا: إن حكم الإعدام حكم خطير، لذلك يشدد القانون كثيرًا قبل إصداره، ويعرض الملف على جهات عديدة، وإن قول القسام في البيان المقتضب أن الحكم أصدرته اللجنة الشرعية والقضائية للقسام، فمن حق الناس أن تتساءل من هم أعضاء هذه اللجان؟ وهل يصلحون لهذه المهمة؟؟ ومع حسن ظني بالقسام وثقتي باللجان التي يشكلها إلا أن أمرًا كهذا لا يصح أن يغطى باسم غامض، كما أن البيان المقتضب جاء فيه، أنه تم تنفيذ الإعدام بحقه " لتجاوزاته السلوكية والأخلاقية التي أقر بها".. فما هي التجاوزات السلوكية والأخلاقية التي تجيز لجهاز عسكري إعدام أحد أعضائه؟؟!! وقد يكون البيان اكتفى بهذا الكلام حفاظًا على مشاعر عائلته إلا أن هذا الكلام يفتح الباب ولا يغلقه... خاصة وأن عائلته تروي رواية مختلفة تمامًا، ولا يوجد جهة قضائية رسمية تخرج لنا لائحة الاتهام وآليات اتخاذ القرار.
سادسًا: إن ملف الإعدام خاصة للمتخابرين مع الاحتلال –البيان لم يذكر أن شتيوي متخابر- يحتاج للجان وطنية مخلصة، تجلس جلسات طويلة من أجل إيجاد حلول متعلقة بالتداعيات المترتبة على الإعدام، ولكون البيان لم يربط الإعدام بهذا الأمر فلن أسهب في توضيح مرادي هنا.
سابعًا: إن الخطأ الذي ارتكبه الأخ شتيوي رحمه الله، يوجب علينا أن ندعو الله أن يثبتنا، وأن نحصن شبابنا أكثر وأكثر، وأن نتواضع أكثر فلسنا ملائكة والله هو الذي يثبت.
وأسأل الله أن يرزقنا الثبات حتى الممات،،
[إضافتان استفدتهما من التعليقات]:
الأولى: إن خطأ بعض المقاومين أمر وارد جدًا لأنهم تحت الاستهداف أكثر منا وهذا يجعلنا ندعو الله لهم أن يثبتهم، فهم لا يتعرضون لخطر الاستشهاد فقط بل لخطر الوقوع في الخطأ.

الثانية: إن طبيعة عمل رجال المقاومة يجعل الموضوع متشابكًا جدًا بين تنظيماتهم والجهات الحكومية، لذلك لا بد للمختصين من البحث طويلًا حول صيغة مقبولة دينيًا وقضائيًا وعشائريًا لإخراج قرار كهذا.. مثلًا لو بدأ التحقيق لجنة من نفس الجهاز العسكري للمخطئ، بإشراف حكومي، ثم تسلم الأوراق للجهات الحكومية القضائية لتنظر في الأمر.. هل يقبل هذا أم لا؟ الأمر بحاجة لقراءة جادة..

تعليقات

  1. احسنت استاذ نور ولكن مسالة الاعدام تحتاج لمحاكمة يعلن فيها عن الدوافع الحقيقية لانه بعض الاعلاميين تحدث عن رسالة وصلتهم ان الحكم لا يستوجب القتل

    ردحذف
  2. لم أجد منشورا بجمال هذا المنشور للقضية . أحسنت وبارك الله فيك

    ردحذف
  3. أحسنت القول والصواب.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟