من بنى لله مستشفىً بنى الله له بيتًا في الجنة

من بنى لله مستشفىً
بنى الله له بيتًا في الجنة
نور رياض عيد

إن الوقوف عند ظاهر النص دون التعمق في دلالاته مشكلة عانى منها العقل المسلم، ولا يزال يعاني، فالإسلام دين حركي ديناميكي يسعى لإعمار الأرض وتحسين حياة الناس فيها إلى أقصى درجة ممكنة، وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم المثال الأرقى في الحرص على صناعة حياة كريمة، لكن أزمتنا أننا نقف عند ظاهر النص دون أن نفهم مراد سيدنا رسول الله.
فمثلًا حينما يقرأ المسلمون حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجَنَّةِ» يصبح هم المسلمين بناء المساجد، ولا مشكلة لديهم أن يكون بين المسجد والمسجد مسجد، بينما تشتكي مدن إسلامية من عدم وجود بئر مياه يشرب منه الناس، وتكلفهم تعبئة المياه أكثر من ساعة يوميًا إضافة للجهد البدني المتعب... وتشتكي مدن أخرى من نقص في أعداد المستشفيات، والمستوصفات، ويضطر بعض الطلبة في بعض بلدات العالم الإسلامي للسير مدة طويلة على أقدامهم حتى يصلوا لمدارسهم.. وغير ذلك من الأمور التي تظهر لنا الكثير من المرافق التي يحتاجها المسلمون.
ولو طالبت الناس أن يهتموا ببناء المدارس والمستشفيات و... لقالوا لك: إن النبي قال: "مسجدًا" ولم يقل أي شيء آخر... فنحن لا ندرك أن هذه الأحاديث هي إشارات للمعاني العظيمة الكبيرة.. فالنبي يعطينا المفتاح وعلينا إكمال المشوار.. علينا أن نفهم أن:
-        من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة.
-        من بنى لله مستشفىً بنى الله له بيتًا في الجنة.
-        من بنى لله مصحة نفسية بنى الله له بيتًا في الجنة.
-        من بنى لله ناديًا رياضيًا بنى الله له بيتًا في الجنة.
-        من بنى لله مدرسةً بنى الله له بيتًا في الجنة.
-        من بنى لله مركز  تدريب مهني بنى الله له بيتًا في الجنة.
وإن ترتب الأجر يتناسب طرديًا مع حجم المنفعة التي يقدمها المكان الذي بُنِي... وكل مكان يستفيد منه الناس هو بيت لله سبحانه وتعالى، ألم تسمع لقول رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟..... ".
ولعل سائلًا يرجع فيسألني: لماذا لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث سوى المسجد؟
والجواب: لأن المسجد في ذلك الوقت كان المكان العام الأكبر الذي تقضى فيه المصالح المختلفة، فقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن المسجد كان مكان نوم للصحابة، ومكان سكن للفقراء من أهل الصفة، ومكان علاج للمرضى، ومكان تعليم وتفقيه، ومكان مشورة سياسية واستعداد عسكري، ومكان احتفال بالعيد، وغير ذلك... ولم يكن في ذلك الوقت هذا الفصل بين الأمور فلم تكن المستشفيات معروفة في ذلك الوقت، ولا الفنادق، ولا غيرها.
          إن مما يوجب علينا الحديث عن ضرورة بناء المستشفيات والمستوصفات أننا كمسلمين بإمكاننا أن نؤدي صلاتنا في أي مكان: "وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ" لكن ليس بإمكاننا إجراء عملية جراحية إلا في مكان مجهز مسبقًا، وتجهيزه ليس شيئًا بسيطًا... وليس بإمكاننا تعليم أبناء المسلمين مهنة يعيشون منها إلا في أماكن مخصصة تتوفر فيها الآلات المطلوبة.. وهكذا..

أختم بما كتبه د. عبد النفيسي: "يا لها من فكرة رائعة لو تكفل أحد أثرياء المسلمين ببناء مدرسة للتعليم المهني يتدرب فيها صبيان المسلمين على كسب قوتهم بشرف وإباء.. ويا لها من فكرة أروع لو تداعى نفر من الأطباء المسلمين ببناء مركز طبي يقدم الخدمة الطبية الفنية تحت راية التوحيد.. أليس الإسلام دين الحياة؟"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟