تحولات د. عدنان إبراهيم!!

تحولات د. عدنان إبراهيم!!
نور رياض عيد

لا أفشي سرًا حينما أقول: إنني من متابعي الدكتور عدنان إبراهيم، وقد سمعت له عددًا لا بأس به من الخطب والمحاضرات، وأقر بأنه من أكثر الشخصيات – إن لم يكن أكثرهم- الذين أثروا في مساري الفكري والعقلي، وكوني من المعجبين به لا يعني أنني أوافقه في كل ما يطرحه، بل لدي على آرائه ملاحظات ربما تكون أكثر من ملاحظات خصومه!!
وفي هذا المقال أحاول أن أكتب مجموعة خواطر حول مسيرة الرجل وتحولاته في السنوات الأخيرة خاصة ما طرحه على قناة خليجية، فلا أحد فوق النقد، وما سأكتبه يبقى وجهات نظر وتحليلات شخصية ونقولات سمعتها من ذوي العقول، وليس بالضرورة أن يكون كل ما فيه صوابًا.
في الحقيقة إن مسيرة د. عدنان في السنوات الأربعة أو الخمسة الأخيرة كان فيها عدة انكسارات حادة في آرائه وأطروحاته، وظهر ذلك جليًا في خطبه وبرامجه التي عرضها على قناة روتانا خليجية كان آخرها برنامج صحوة، الذي تحدث فيه عن عدة قضايا مختلفة،
عدنان في شباك الوليد بن طلال!!

ربما يكون أحد الأسباب الرئيسة التي غيرت في أطروحات د. عدنان في الفترة الأخيرة، وجعله ينقلب على نفسه حينما وقع في شباك الأمير السعودي الوليد بن طلال.. ولكثرة النقد الذي وصله من أنه ارتمى في أحضان الوليد بن طلال اضطر أن يكتب مقالًا يوضح موقفه فيما يقال، وخلاصة سبب ذهابه لقنوات الوليد بن طلال كما كتب: لقد كان الشيخ عدنان ومحبوه حريصين على أن يدخل عالم القنوات الفضائية، وحاول عدد من تلامذته مراسلة قنوات إسلامية لكن محاولاتهم انتهت بالرفض، حتى كانت فرصة تسجيله برنامج (هو الله) لقناة الرسالة لكن البرنامج منع من العرض على خلفية تدخل بعض المشايخ ومعارضته، ثم ظهر على قناة روتانا بحلقتين مما أعجب الأمير وليد بن طلال به، وبدأت رحلة العمل.
ما قبل الوليد..
إن الوقت الذي علا فيه نجم د. عدنان إبراهيم كان مع اشتعال ثورات الربيع العربي، وحينها أشهر سيفه واستل خنجره وحمل رشاشه وأخذ يهاجم بشراسة الاستبداد السياسي والحكم الوراثي، وكان الشيخ الثائر الذي يواكب الثورات لحظة بلحظة، ويفرح بها، وعقد خطبة حول البوعزيزي هل ما فعله انتحار أم استشهاد؟ وهذا ما جعله يعقد خطبة تحت عنوان "بداية كارثتنا" هاجم فيها الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه معتبرًا إياه أول من شيد بنيان الاستبداد، وقام بالرد عليه بعض شيوخ السلفية، فرد عليهم بسلسلة من عدة حلقات حملت عنوان: "معاوية بن أبي سفيان في الميزان"، طبعًا وخلال خطبه ومحاضراته كان يقتنص الفرص ليهاجم العائلات المالكة في العالم العربي "عائلة هيان وعائلة بيّان"... لكني شعرت أن الدكتور عدنان انقلب على نفسه بعد ذلك، وتحديدًا بعد الاقتراب من الأمير، وأيد الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي، وأظن أن هناك عدة أسباب لتأييد الانقلاب، منها عقدة كراهية الحركات الإسلامية خاصة الإخوان المسلمين، فهو على خصومة مع الإخوان، وكرهه لهم أوصله لدرجة الوقوف مع الانقلاب في مصر، وعدم توجيهه أي نقد لعسكر الانقلاب إلا أشياء كانت على الهامش، مع أنه احتفل في مسجده برحيل حسني مبارك، ودعا الإخوان –بعد الانقلاب- أن يمنحوا السيسي فرصة عدة أشهر لنشاهد ماذا سيفعل؟ وها هو عدنان إبراهيم يشاهد ماذا صنع السيسي لكنه لم ينبس بكلمة ومبرره أنه ترك الموضوعات السياسية.
ضريبة دخول القصر..
لقد دفع د. عدنان ضريبة دخول قصر الأمير، وشكلت من وجهة نظري انقلابًا خطيرًا في حياة د. عدنان، يوم أن كتب مقالًا جاء فيه تقييمًا للأمير الوليد بن طلال، ومن الجيد أن نقدم لتقييمه بهذا التمهيد: أثناء الهجوم القاسي والشديد الذي هاجم به د. عدنان إبراهيم الصحابي معاوية رضي الله عنه، قام بتأصيل فكرة مهمة ومفيدة وهي أن كل إنسان ينبغي تقييمه حسب مجاله الذي يعمل فيه، فالمعلم لا نحكم عليه بالنجاح لكونه يصوم ويصلي بل علينا أن نقيّم أداءه التعليمي والطبيب نقيمه وفق عمله الطبي، وهكذا.. لكن حينما تعلق الأمر بالوليد بن طلال حطّم د. عدنان القواعد التي بناها هو بنفسه، فالوليد بن طلال رجل سياسة ورجل إعلام بالدرجة الأولى، فالمفترض أن يقوم د. عدنان بتقييم مسيرة الوليد بن طلال الإعلامية والسياسية، ومسيرته واضحة فهو ينتمي لعائلة تتبنى الحكم الوراثي الذي هاجمه بشراسة د. عدنان، كما أنه صاحب قنوات روتانا التي يقال عنها الكثير.. لكن د. عدنان حينما قدم تقييمه للوليد ترك هذا الأمر وجاء ليقول إن الرجل يصلي ولا يشرب المسكرات، ولا يدخن، ويتبرع للفقراء، وبإمكانك مراجعة كلامه على صفحته على الفيس بوك!!
برنامج صحوة..

إن المتابع لبرنامج صحوة الذي عرض في شهر رمضان، يلحظ أن التيار السعودي الذي يسميه البعض تيار تنويري أو تحرري أو علماني [أطلق عليه ما شئت]، يستفيد من د. عدنان، وقد أرادت قناة خليجية في هذا البرنامج زيادة جرعة النقد للفكر السلفي السعودي تحديدًا، وذلك من خلال طرح عدد كبير من القضايا التي يدافع عنها الفكر السلفي السعودي، كما أنهم كانوا يعرضون في بداية معظم الحلقات تساؤلات يغلب على أصحابها ما يُسمَّى الانفتاح أو التحرر، وكان د. عدنان بدوره يثني عليهم ويصف أسئلتهم بالذكية، في مقابل أنهم كانوا يعرضون مشاهد مقتطعة لعدد لدعاة إسلاميين ممن يروق خطابهم للمجتمع السعودي، ليبدي د. عدنان رأيه فيهم، وغالبًا ما يكون ناقدًا لهم لأن المقاطع المختارة كان عدد منها سيئًا.
وأشعر أن هذا التيار السعودي معني أن يخوض عدنان إبراهيم مناظرات مع المشايخ السعوديين، لأنه حتى لو لم ينتصر عدنان فيها، فإن المجتمع السعودي سيتعرف على وجهات نظر جديدة مدعومة بحجج قوية، ستساهم في تغيير المجتمع السعودي، وإحداث شروخ في جدران السلطة الدينية، فعدنان يعتبر مرحلة من مراحل التحول.
ملاحظة أخرى تؤكد ما أقول وهي أن هناك عددًا كبيرًا من الموضوعات التي عرضها د. عدنان في برنامجي "آفاق" و "ليطمئن قلبي"، كررها –أو طُلب منه أن يكررها- في برنامج "صحوة"، مثل [الموسيقى، الفن، الإلحاد، قضايا الحسبة، الجهاد والقتال، الوطن والمواطنة، الإسلام السياسي] على الرغم من أن د. عدنان يؤكد دومًا على منبره بأنه لا يحب أن يكرر نفسه، لكن ما الذي يجعل الدكتور عدنان يكرر نفسه؟ الجواب واضح أن إدارة القناة تأتي بالدكتور عدنان ليقدم الموضوعات التي تريدها والتي يعرفون آراءه فيها، مع أنه يقول غير ذلك، كما سيرد الآن.
قبل مغادرة هذه النقطة يحسن لفت انتباه القارئ الذي شاهد برنامج صحوة، إلى أن مقدم البرنامج د. أحمد العرفج كان يذكر عددًا من الشخصيات التي يتعامل معهم السلفيون أنهم علماء بمسمى "طالب علم"، وفي هذا استفزاز واضح، وإذا كان مقدم البرنامج لا يعتبرهم علماء فهذا رأيه، لكن كان بإمكانه أن يقدمهم بمسمى "الشيخ"!!!
كيف يتم اختيار العناوين؟؟
العجيب أن الدكتور عدنان قبل البرنامجين الأخيرين [ليطمئن قلبي – صحوة] قال: بأنه هو من يختار عناوين برنامجه "فأؤكد لكم أنني -يعلم الله- أنا الذي أختار أسماء برامجي وموضوعاتها دونما أدنى تدخل من أحد أو توجيه"، ولا أعلم إن كان في البرنامجين الأخيرين هو من يختار الموضوعات أو لا... وإنها لمشكلة كبيرة أن يختار د. عدنان موضوعات مثل : (العين والحسد – الجن – الترفيه – الحجاب - الموسيقى) لكنه لا يختار الموضوعات المهمة التي كان يتحدث عنها على منبره، لمصلحة مَن يصمت أمام الاستبداد السياسي والحكم الوراثي ثم يتكلم مررًا وتكرارًا عن هذه الموضوعات؟! ولست ضد طرح هذه الموضوعات لكني ضد طرحها من أمثاله للأسباب المذكورة.
ولا ينتهي الأمر عند هذا بل إن د. عدنان يقتنص الفرص ليثني على دول الخليج وحكوماتها، فتارة يشكر الإمارات، ومرة يدعو لولي العهد السعودي، هذه الدول التي كان يطلق نيران رشاشاته عليها أيام كان ثائرًا، لكن بعد التحولات لك أن تلاحظ أنه لا توجد حلقة واحدة قدمها على قناة روتانا تتحدث عن الحكم الوراثي، والاستبداد السياسي، وسرقة أموال الأمة، واغتصاب إرادتها، وتضييع مقدساتها، والتعذيب داخل السجون، والتخلف العلمي، ولا يجد لنظام الإمارات وآل سعود أي خطأ كي يتحدث عنه، مع أنه كان دومًا يكرر بأن مشكلة الأمة ليست في الأخلاقيات أو الرقائق إنما مشكلتها مع الاستبداد.
هناك الكثير من الأفكار والانتقادات التي قدمها الدكتور عدنان في برنامج صحوة، هي مفيدة وقوية وجريئة ومهمة، ومخالفتي للعديد من آرائه تبقى وجهات نظر.

في الختام.. أسأل الله أن يهدينا جميعًا، وأن يرينا الحق حقًا وأن يرزقنا اتباعه، وأن ينفع بالدكتور عدنان، وأن يجعل علمه سببًا في تقوية الإيمان في قلوب الشباب المسلم، وأن يكون سببًا في تسليحهم بالعلم والإيمان ضد الإلحاد!!

تعليقات

  1. كلامك رائع وفي محله ولاحظت مثل هذه الأشياء في برنامج صحوة :)

    ردحذف
  2. اتفق معك في ان الدكتور عدنان بشر ويجب ان نختلف ونتفق معه
    كما اتفق معك في ان علاقته بالوليد وروتانا قيده ووجه مساره في اتجاه معين سواء كان بفرض او لا لكن كما قلت الدكتور عدنان هدفه منذ زمن ان يصل للناس عبر الفضائيات وها قد وصل
    لكن انا عن نفسي ارى ان هذا الوصول مشكلة كبير بحجم مشكلته الاحجام عن المتابعة في فضح الامويين وامثالهم

    ردحذف
  3. عفواا... ربما مقالك يفتقر للبحث الدقيق ولو انك شاهدت حلقات عدنان ابراهيم لوجدت انه لا يذكر السيسي الا بكلمة "طاغية" لكن هو يرفض التحريض عليه لانه يرى ان ذلك قد يؤدي الا نتائج عكسية وبالنسبة لخروجه على قناة ام بي سي انه اراد ان يوصل صوته وافكاره لاكبر بقعة من الناس... تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. هل انت متأكد أنه يصف السيسي بالطاغية ؟؟؟؟

      لان غيرك من اتباع عدنان يقرون أنه لاينتقد السيسي صراحة بل هو يتجنبه خصوصا في خطبته عن مصر في ٢٠١٣


      فإذا كان لديك دليل على أنه ينتقد السيسي تفضل اتحفنا بها والا بكلامك ناتج من تعصبك لعدنان ابراهيم

      حذف
  4. عفواا... ربما مقالك يفتقر للبحث الدقيق ولو انك شاهدت حلقات عدنان ابراهيم لوجدت انه لا يذكر السيسي الا بكلمة "طاغية" لكن هو يرفض التحريض عليه لانه يرى ان ذلك قد يؤدي الا نتائج عكسية وبالنسبة لخروجه على قناة ام بي سي انه اراد ان يوصل صوته وافكاره لاكبر بقعة من الناس... تحياتي

    ردحذف
  5. بارك الله فيك اخي الكريم واحسنت فيما كتبت ولكن انت من ضمن متابعي الدكتور كما قلت وانت وانا نعلم ان الدكتور هو الوحيد الذي تكلم في زمن سكت فيه الكل وهوجم وطعن وحوصر من كل الاطراف وفي نهاية المطاف هو بشر ويتأثر كما نتأثر نحن..اما سبب انضمامه لروتانا فهو صرح بان هذه القناة لها جمهور غفير وقوي وكان هذا اهم سبب لطرح افكار الدكتور

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟