حقوقي على تنظيمي!!
حقوقي على تنظيمي!!
نور رياض عيد
اعتدنا أن نتكلم عن حقوق التنظيم على الفرد،
وعن الواجبات المطلوبة من الأفراد تجاه قيادة الحزب، ولا يتردد بعضنا في وصف من
يخالف الأوامر التنظيمية بقلة الأدب -إن لم يكن بقلة الدين- فطاعة الأوامر واجبة
في المنشط والمكره والعسر واليسر كما هو ذائع.
والأصل في الفرد الذي يريد الانضمام لحزب أو
مؤسسة، أن يعرف شروطها حتى يقرر الانضمام لها أو عدمه، فلا يليق بشخص أن ينتمي لجماعة
ثم يرفض طاعة الأوامر المنصوص عليها، ويتعامل مع الحزب على أنه فرصة لجمع الغنائم،
والشخص الذي لا قناعة لديه بتلك القرارات فمغادرته للجماعة أزكى له.
لكن ما يعاب على أحزابنا هو كثرة الحديث عن
حقوق التنظيم على أعضائه، أو بعبارة أكثر دقة: حقوق القيادة على الأفراد، لكن: أين
حقوق الفرد على تنظيمه؟! وما هي حقوق الفرد على التنظيم؟!
وأنا أعلم أن بعض الناس قد يستغربون من هذا
السؤال أصلًا، لأنهم لم يتعودوا على ذلك، ولأن بعض قيادات الأحزاب لا يسرها أن
يفتح هذا الموضوع لأنه سيوقعهم تحت طائلة المراقبة والمسئولية، ولأن الزعماء يرون
أن الأوامر يجب أن تنفذ بسمع وطاعة دون تردد أو مراجعة.
ولا عجب أن يسأل الإنسان المسلم هذا السؤال،
فقد جاء في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا
مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ
عَلَى اللَّهِ؟» ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ
اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ
العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» فالنبي عليه الصلاة والسلام يخبر عن حق العباد
على الله، والله هو صاحب النعمة والفضل، الذي لا يُسأل عما يفعل، وكل أوامره عدل
وحكمة... فكيف بحقوقنا على زعمائنا ورؤسائنا؟!
لذلك من الواجب على أعضاء التنظيمات اليوم أن يعرفوا
حقوقهم أولًا كي يطالبوا بها ثانيًا، وأن تكون هذه الحقوق مسطورة في القوانين
الداخلية للأحزاب، حتى لا يطالبوا ويقاتلوا من أجل شيء لا يعد حقًا لهم، ومن أهم
ما يجب عليهم أن يطالبوا به أن تكون الرؤية واضحة لديهم، وفي أي طريق يمضون
ويقدمون حياتهم وأعمارهم؟ ومن أجل ماذا؟
ولست قادرًا –ولا أهدف- على إحصاء حقوق الفرد
على تنظيمه، وما سأذكره ليس بالضرورة أن يكون حقوقًا متفقًا عليها، لكنها تصلح
كأفكار يبنى عليها نقاشات، وأعتبرها إلقاء حجر في ماء راكد، ومن هذه الحقوق:
1-
فهم القرارات والمواقف التي يتخذها الحزب، ويترتب على ذلك تساؤلات، منها: ما هي القرارات التي يجوز للقيادة أن
تخفيها؟ وهل يجوز أن تتخذ القيادة قرارات كبيرة ثم يكون المطلوب من الفرد الالتزام
بالتنفيذ دون أن يكون لديه فهم ووعي بها، تحت شعارات مختلفة: السرية والأمن والظروف لا تسمح؟
وقد يكون الأعداء يعرفون تلك الأسرار وأبناء التنظيم المطالبون بالتنفيذ لا
يعلمون عنها شيئًا.
2-
حينما ينتمي العضو للتنظيم في ساعة العسر، ثم
تتيسر الأمور في التنظيم كأن يدخل السلطة مثلًا، أليس من الواجب أن تكون هناك
سياسة واضحة وعادلة لتوزيع الوظائف والمناصب؟
3-
حينما يخالف العضو أوامر القيادة، قد تقع عليه
بعض العقوبات، لكن ما هي العقوبات التي تقع على القيادة إن أخطأت؟ كأن يقود
التنظيم قائد لعام أو أكثر ولا توجد له إنجازات تذكر، أو أن يرتكب بعض المخالفات،
أو أن يستبد في القرارات ولا يشاور.
4-
الانتخاب: قد يمضي بعض الأشخاص سنوات طويلة في
بعض التنظيمات دون أن يشارك في اختيار قيادتها، أو أن يتم الالتفاف على اختياره
بطرق ملتوية، فهل من حق الفرد أن ينتخب القيادة؟
5-
ما هي حدود تدخل التنظيم في حياة الفرد؟ هل
يجوز للتنظيم أن يتدخل في اختيار زوجة العضو المنتمي أو في لباسها مثلًا؟ وهل يجوز للتنظيم
أن يتدخل في طبيعة العلاقات التي يبنيها الفرد مع الآخرين؟
من الواجب على
الشباب اليوم أن يهتموا بهذا الموضوع، وأن يحاولوا إحصاء تلك الحقوق، وتحويلها إلى
قوانين.
تعليقات
إرسال تعليق