لا تستر عجزك!!

لا تستر عجزك!!

نور رياض عيد

لماذا لم تنجح في دراستك؟

الجواب: "المدرسون لا يحسنون الشرح- وقت الدراسة قصير- أهلي لم يوفروا لي الأجواء المناسبة- المنهج الدراسي طويل- ..."

لماذا طلقت زوجتك؟

الجواب: "لأنها امرأة غير جيدة- بسبب تدخلات أهلها- تصرفاتها كانت مزعجة لي- لا تقوم بالواجبات المطلوبة منها- ..."

كلنا سمع من بعض الناس أجوبة كهذه حول مشكلاتهم الشخصية، ولو انتقلنا من المشكلات الشخصية إلى مسائل أمتنا الإسلامية سنجد أن أمتنا على المستوى العام تبرر فشلها بأسباب خارجية.

إن الذين يعتبرون أنفسهم بريئين ولا دخل لهم في مشكلاتهم، وأن الأسباب الخارجية هي سبب فشلهم هم أناس قد حكموا على أنفسهم أن يبقوا سجناء الهزيمة طوال حياتهم، فهم سينتقلون من فشل إلى فشل... ولو أن الواحد منا حمّل نفسه المسئولية – أو جزءًا منها- فإنه سيساهم في حل مشاكله.

      إن الإنسان يحاول دومًا أن يبرئ نفسه كي لا يقع ضمن دائرة النقد الذاتي، وقد حدث هذا مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم قد استغربوا وتساءلوا عن سبب الهزيمة يوم أحد قائلين: "أنى هذا" فكان الجواب القرآني: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ.." نعم بهذا الوضوح، وبهذه الصراحة.. لأن القرآن يربي الأمة على النصر والنجاح، والمنتصر هو الذي يأخذ بزمام المبادرة، ويبدأ بعلاج نفسه.

إن كل شخص منا لو اهتم بإصلاح عيوبه، وتقوية إيجابياته، وعمل كل ما بوسعه، وبذل جهده في دائرة تأثيره، ثم اتسعت هذه الدائرة ليقوم بهذا التغيير كل أفراد المجتمع، سنجد أن العالم من حولنا بدأ يتغير، وأن الرياح تأتي حسب ما تشتهي سفينتنا: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ".  

يروى أن أحد الجنود جاء إلى أمير الجيش خالد بن الوليد رضي الله عنه قبل معركة من المعارك، وقال له: يا قائد الجيش لو رأيت كثرة أعداد الروم، فقال له خالد: "ليت الأشقر –يقصد حصانه- يشفى من عرجه، ويُضعف الروم في العدد" فالموضوع عند خالد داخلي، يتعلق به وليس بعدوه.

إن الأمة التي يؤمن أبناؤها أنهم قادرون على إحداث التغيير وأنهم جزء من الحل هي أمة قادرة على النهوض، أما الأمة التي تريد أن تقنع نفسها أن هناك مؤامرة كونية عليها، وأنها لا يد لها ولا حيلة لها أمام ما يحدث، فإنها ستبقى "مفعولًا به" منصوبة على هامش الحياة أبد الدهر.

      إذا أردت تغيير حياتك فعليك أن تبدأ من نفسك، وتحملها المسئولية، وأن تكشف عجزك وتظهره لنفسك كي تبدأ بالتخلص منه، وكن على يقين بأن الحل يبدأ من داخلك.