الزواج في غرفة داخل بيت العائلة.. حل أم مشكلة؟؟!!

الزواج في غرفة داخل بيت العائلة.. حل أم مشكلة؟؟!!



محاولة مشكورة:
نشر الأستاذ مصطفى الصواف مقالًا تحت عنوان: "ومالها غرفة في بيت العائلة؟" يدعو فيه الشباب والفتيات إلى أن يتنازلوا في مطالبهم وأحلامهم، كي يبدأوا الحياة داخل غرفة في بيت العائلة بجوار الأب والأم كما كان آباؤهم يصنعون..
هذا الطرح –سواء اتفقنا معه أو اختلفنا- فإنه يعبر عن الشعور بحجم المشكلة التي بات يعيشها شباب قطاع غزة، وعن حجم الأزمات التي عكستها أزمة السكن في صفوف الأزواج الشابة، والأستاذ الصواف  يتحدث في المقال بلسان الوالد المحب لأبنائه يحاول أن يقدم حلولًا.
خطورة الموضوع:
نحن أمام موضوع صعب يستحق الدراسة والتوقف عنده، فلو كان الأمر متعلقًا بشاب سيعمل على تأخير زواجه لبضعة أشهر حتى يحصل على بيت مستقل لكان الأمر سهلًا، لكننا أمام واقع يقول: إن نسبة كبيرة من الشباب والشابات في قطاع غزة إن لم يوافقوا على الزواج في غرفة داخل بيت العائلة، فإنهم ربما ينتظرون لسنوات –الله أعلم بها- دون زواج.
والآثار المترتبة على ذلك عديدة، منها:
- إن قطار الزواج سيفوت عددًا من الفتيات.
- حالة من الإحباط واليأس بين صفوف الجنسين.
- البحث عن قضاء الشهوة بطريق غير مشروع.
- شيوع نوع من الحزن والضياع في المجتمع.
- وغير ذلك من الآثار.
الرفض هو الغالب،،

حملت الفكرة، وعرضتها على عدد من الشباب العزاب –الذكور- الذين هم في سن الزواج، لأحاول التعرف على وجهة نظرهم، غالبية الشباب وجدتهم يرفضون الفكرة، ويحرصون على أن يبقوا عزابًا على أن يتزوجوا في بيت العائلة..
عرضت السؤال على بعض الفتيات فوجدت أن لدى عدد منهن تقبلًا للفكرة، لكن عدد الفتيات الذي عرضت الفكرة عليه لا يمكنني من تشكيل انطباع عام.
أفادني الشاب محمد بأن والده هو الذي رفض مع أن البيت متسع، وعبر الأب عن سبب الرفض بقوله: "المأساة والمعاناة التي عشتها في الماضي لن أكررها في أولادي حيث المعاناة في الأكل والشرب واللبس حتى في الدخول للحمام".
موافق بشروط..

هناك فئة من الشباب عبرت عن احتمالية القبول في حالة انعدام الخيارات، وقد وضع بعضهم شروطًا لذلك، مثل: ألا يكون في بيت العائلة سوى الوالدين دون وجود إخوة أو أخوات... وشاب آخر يقبل الزواج في بيت العائلة حتى بوجود إخوته الذكور بشرط أن يكون له مطبخ وحمام مستقلين.. وشاب ثالث اعتبر أن احتمالية نجاح الزواج في بيت العائلة تكون أكبر إذا كانت الزوجة من أقارب الزوج، وجاءت إلى بيت تعرفه.
أما الشاب سامي فيرى أن "المسألة نسبية.. فالأمر يتعلق بظروف الطرفين الاقتصادية والعقلية، ويتدخّل تغليب المصلحة، والسكن في غرفة مع تحصين النفس أولى من الوقوع في الشبهات والحرام، وطول الانتظار حتى سن متأخرة أيضاً يقتل زهرة الشباب، مع ضرورة الأخذ بالأسباب والبحث المستمر عن حلول".
بعض الشباب مع اقتناعه بأن البيت المستقل أفضل إلا أنه يرى أن معيشته مع أهله تجعله أكثر برًا بهم.
يتدلعون أم يتخوفون؟!
مشيت مع الشباب خطوة للأمام، محاولًا أن أتعرف على أسباب الرفض، هل هو نوع من دلع الجيل أم هو خوف من فشل الحياة الزوجية نظرًا لتجارب مجتمعية شاهدوها؟! لماذا قبل أهلهم بذلك وهم لا يقبلون؟
لم أجد أن سبب الرفض هو الدلع، بل هو التخوف من مشكلات يمكن أن تحدث في المستقبل:
زياد مثلًا يرفض الزواج في بيت العائلة، لما يسببه ذلك من إحراج للزوجة من قبل الإخوة والوالدين.. أما محمود الذي عاش في بيت العائلة لمدة سنتين فإنه ينصح الشباب بعدم الزواج داخل بيت العائلة، ويرى أن الموضوع متعب للزوجة بقدر كبير خصوصًا إذا كان  للزوج إخوة بالغون في نفس البيت... شاب آخر أعرب عن رأيه بقوله: "مهما كان هناك توافق فكري بين الأهل وزوجة الابن إلا أنه قد تحدث بعض الاختلافات في الرأي قد تعكر صفو الحياة مما ينعكس على الحياة الزوجية".
أكثر ما يجعل الشباب يرفضون هو كثرة المشكلات التي يرونها تحدث لمن هو متزوج داخل بيت العائلة.
ماذا يقول المختصون؟؟
تواصلت مع أحد القضاة الأفاضل، فزودني بتقرير لرئيس المحاكم الشرعية في غزة د.حسن الجوجو حول الموضوع، حيث أبدى الجوجو لصحفية فلسطين عدم تأيده للعيش فى بيت العائلة لما يترتب عليه من مفاسد محققة، وقال: "حسب عملنا في المحاكم الشرعية، فإن هذا الأمر يعد سبباً رئيساً لطلاق الزوجين، مؤكداً أن العيش في بيت مستقل لا يشترك أحد فيه حق كفله الشرع للزوجة في حال كان بمقدور زوجها ذلك".
وأضاف أن بيت العائلة يقيد حرية الزوجة الدنيوية والعبادية ويمنعها من ممارسة حريتها، ولا سيما حديثة الزواج التي لم يمض على ارتباطها سوى مدة بسيطة مما يفتح المجال لخلق المفاسد الشرعية، وكذلك تعرض الشباب العازب الموجود في المنزل للفتنة وكذلك العازبات، خاصة وأن الزوجة ستقوم بالتزين لزوجها.
وللخروج من هذه المعضلة شدد الجوجو على أن يصدق الشباب مع نفسه وألا يستعجل الواحد منهم بالزواج إلا بعد استكمال الاستعدادات المادية، وإذا كان فقيراً وتفهمت عائلة الزوجة وضعه فلتحافظ على نفسها في هذا البيت، لأن آثار العيش فيه مدمرة في بعض الأحيان، خاصة أن القصة التي عرضت على الجوجو في التقرير تتحدث عن تعرض إحدى الزوجات لمشكلة أخلاقية.
لم ينتهِ كلام الدكتور الجوجو، بل أضاف: "يجب أن ننتبه إلى أنه لا يمكن أن نحمل الزوج فوق طاقته بطلب بيت مستقل منه إن كان غير مقتدر، وخاصة إذا أخبر أهل مخطوبته قبل الزواج بظروفه المادية"، داعياً الزوجة التي تعيش في بيت العائلة للالتزام بالضوابط الشرعية بأن تحتجب عن أشقائه البالغين, وتحافظ على نفسها وعلى زوجها وتبتعد كل الابتعاد عن الشبهات فلا يجوز لشقيق الزوج أن يختلي بها.. ولتندمج مع أهله ولكن فى حدود الشرع والقانون.
لماذا لم يتحمس القاضي؟

قبل مدة يسيرة كنت أسير مع أحد القضاة الشرعيين في قطاع غزة، وتحدثت معه حول (أثر دورات التوعية والتثقيف التي تعقد للأزواج الجدد، أو للمقبلين على الزواج) تفاجأت أنه لم يتحمس للفكرة، على الرغم من أنه لم يرفضها، وأقر بوجود أثر لها، إلا أنه اعتبر أن الأسباب الرئيسة لاستمرار الحياة الزوجية هي وجود مصدر مالي، وبيت مستقل، وقال لي: لو أوجدنا لكل شاب بيت يبتعد فيه عن التدخلات الخارجية في الغالب ستستمر الحياة الزوجية!!
السؤال ما زال مطروحًا..
ما زالت المشكلة مستمرة.. وتدارس الموضوع وأبعاده شيء جيد.. ونحن لسنا أمام خيارات سهلة، والأسئلة التي تطرح:
-         ماذا لو لم يكن هناك غرفة في بيت أبي؟
-         وهل من حلول إبداعية لمشكلة الإسكان في قطاع غزة؟؟
-         ومتى سنصل ليوم يجلس فيه الجميع ليفكر في مشكلات الشباب دون حزبية مقيتة؟؟؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟