وجدي غنيم.. وغياب الخطاب الدعوي!!
وجدي غنيم.. وغياب الخطاب الدعوي!!
نور رياض عيد
عديدة هي الكلمات التي صدرت عن د. وجدي غنيم أغضبت
فئة كبيرة من العالم الإسلامي -إسلاميين وغير إسلاميين-، وأوجعت قلوبهم، واستخدم
فيها د. وجدي عبارات تكفيرية وكلمات فاحشة، طبعًا وكان يقدم شرعنة لكلامه... واللقاء
الأخير الذي شاهدناه للشيخ وجدي غنيم كان متعلقًا بوفاة الدكتور أحمد زويل رحمه
الله، حيث كانت مدة اللقاء 35 دقيقة، خصصها
لإثبات كفر د.أحمد زويل، فكانت هذه هي برقية التعزية التي قدمها د. وجدي!! ولا
حول ولا قوة إلا بالله،
وأقدم لأحبتي القراء مجموعة ملاحظات وليست ردودًا على لقاء د. وجدي غنيم، سائلًا ربي أن يهديني
وأن يهدي د. وجدي لما فيه الخير.
وقبل البدء فأنا لست كثير الاطلاع على حياة د.
أحمد زويل رحمه الله، لكون تخصصه بعيدًا عن مجال دراستي، لكن معلوماتي عنه كبقية
الناس، وهي نفس المعلومات التي أدلى بها د. وجدي غنيم في اللقاء.
الملاحظة الأولى:
تستفزك تلك الطريقة التي يتكلم بها د. وجدي غنيم عن تكفير د. أحمد زويل، [علمًا أن
له مع التكفير سجلًا طويلًا] كان يتكلم عن كفر الرجل وكأنه قد صاد صيدًا ثمينًا، أو عثر على كنز، بدلًا من أن تشعر د. وجدي يشعر بالحزن والحسرة لكون
د. أحمد زويل مات كافرًا من وجهة نظر د. وجدي، هل هكذا يتم الحديث عن رجل كان
مسلمًا، وهو ذو عقلية كبيرة ملأت سمع الدنيا وبصرها؟ ألم نتعلم من قرآننا أن النبي
كان يحزن حزنًا يكاد يصل به إلى أن يهلك نفسك لأن الناس تموت على الكفر؟ فقال له
ربه: ".. فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ
عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ"، وقال: " فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا
بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا"
وقال عليه الصلاة والسلام عن اليهودي الذي أسلم: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ" لكن د. وجدي يتكلم عن كفر زويل وكأنه قد صاد فريسة
أو عثر على كنز، وشاهد الحلقة، خاصة [5:50 – 6].
إن فكرة تصدر الشيخ للحديث عن كل إنسان بمنطق
(مسلم * كافر) وبإصرار عجيب غريب على أن يثبت الكفر على الناس، تشير إلى أن الشيخ وجدي يريد يقترب من شأن متعلق برب العالمين جل جلاله..
سواء كان يدري أو لا يدري... ماذا لو كان الناس الذين تكفرهم ليسوا كفارًا؟ كم من
ثانية استغرق معك تكفير د. أحمد زويل؟
الملاحظة الثانية:
ماذا كان يضر د. وجدي غنيم لو لم يعلق على وفاة د. أحمد زويل؟ أو اكتفى بالصمت لأن الرجل أفضى إلى ربه؟ وماذا لو ترك لمختصي
الكيمياء أن يتحدثوا عن المكانة العلمية للرجل؟ ماذا لو قال الدكتور وجدي: أحمد
زويل شخصية عربية قدمت خدمة للعلم، وهذا يثبت دور العرب في العلم، وإن كنت أتمنى
أن د. أحمد زويل لم يزر إسرائيل ولم يسجل على نفسه هذا الخطأ؟ ماذا لو تحدث عن علم
الرجل فقط وعن عدم مساعدة الأنظمة الديكتاتورية له لينقل العلم إلى بلاده؟!
الملاحظة الثالثة:
الطريقة التي يتكلم بها د. وجدي هي طريقة قمة في التكفير والتطرف، طريقة إنسان يبتعد
عن روح الداعية أو العالم الشرعي، فهو يتكلم بغرور في أصعب المسائل وهي مسألة
التكفير، وإن كان لا يقدم نفسه على أنه عالم، لكنه يقطع بالأمور وكأنه إله، ويكرر
كثيرًا أنا أتكلم بالأدلة، ويقطع على كلامه، ولا يعرض كلامه على أنه مجرد فهم بشري
فهمه قد يصيب وقد يخطئ، هو يذكر الأدلة ويخرج بنتيجة، هذه النتيجة لا تشعر
من كلامه نهائيًا أنها تحتمل الخطأ، فهو –بالتأكيد عن عدم قصد- يساوي بين الآية أو
الحديث وبين ما فهمه منها.. لذلك هو لا يتقبل الرأي الآخر وأدعوك لمشاهدة حوار
بينه وبين الشيخ عبد الفتاح مورو، لتقارن بين تواضع مورو وجمال أسلوبه، وأدبه،
وبين شخصية د. وجدي غنيم.
الملاحظة الرابعة:
ازدواجية مقيتة تلك التي يمارسها الشيخ وجدي غنيم، فهو يحكم على زويل بالكفر لأنه زار
الكنيست وساهم في تطوير منظومة السلاح الصهيونية [إن ثبت الخبر]، وفي نفس الوقت
يقول عن أردوغان بأنه رئيس مسلم، مع أن أردوغان له علاقاته المعروفة بإسرائيل.. طبعًا
أنا أحب أردوغان وأتفهم موقفه، وأسأل الله له التوفيق.. لكن المشكلة في طريقة الحكم
على أردوغان قائمة على التماس الأعذار، وصعوبة الظروف، و.. وهذا شيء طيب وأدعو له،
لكنه مع د. أحمد زويل لا أعذار ولا تبريرات...
وأزيدكم من الهم كأسًا يستدل الشيخ وجدي على
كفر د. زويل بكلام للإمام ابن باز رحمه الله، لكن ألم يكن الشيخ ابن باز يتولى
مناصب لنظام آل سعود المعروف؟؟!! ماذا لو قام أحد الشباب مستدلًا بمنطق الشيخ وجدي
بتكفير ابن باز؟ خاصة أن د. وجدي غنيم يحكم بكفر السيسي وكفر من يؤيد السيسي،
وشاهد المقطع [7:50 – 8:10].. تكفير بالملايين!!!
الملاحظة الخامسة:
يقول د. وجدي غنيم عن حصول أحمد زويل على جائزة نوبل: "هم الكفار بيعطوا
المسلمين جائزة نوبل.. بيعطوهم ليه؟؟ علشان عارفين إنهم حيستخدموهم" بنفس
المنطق لو قلنا: إن مئات من الإسلاميين فروا إلى الغرب هربًا من بطش الأنظمة
القمعية، وألوف من اللاجئين السوريين هربوا إلى الغرب.. سيأتي إنسان ويقول: لماذا
يستضيفهم الغرب؟ علشان حيستخدمهم.. عيب.. والله عيب..
الملاحظة السادسة:
يثبت وجدي غنيم بكلامه مع تقديري لحسن نيته وحبه لأمته، لكن طريقة كلامه تظهره وأمثاله منسلخين عن أمتهم، عن مشاعرها، عن تفكيرها، وعن
إحساسها، وعلى فكرة هذا الاتهام كان يوجه للحركة الإسلامية، فمثلًا: الناس في
العادة يفتخرون بالناجحين، وأحمد زويل عقلية علمية وازنة ناجحة، لو كان زويل
عربيًا نصرانيًا لافتخرنا به، ذلك الاسم العربي الذي جاء ليجعل للعرب اسمًا في
سجلات الكيميائيين المبدعين، فالأنظمة العربية القمعية الفاشلة التي لم تفسح مكانًا
لأحمد زويل كي يقدم خدماته للعالم العربي أرادت يوم الجنازة أن تتمسح بزويل، وتدعي
وصلًا به، كان المنطق يقتضي أن يكون خطاب الشيخ وجدي فيه احترام لعلم الرجل،
ولنتذكر أن رأس النفاق عبد الله بن أبي كفن بعباءة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقد جاء ابنه وطلب عباءة النبي ليكفن بها والده، وأعطاها النبي له احترامًا له
وجبرًا بخاطره.
الملاحظة السابعة:
لا أريد أن أدافع عن أحمد زويل، لكني أحاول أن ألتمس له العذر، لأني أتحمس كل
الحماس لإبقاء الناس في دائرة الدين، وأسأل الله أن يرحم جميع خلقه، وأتساءل عن د.
أحمد زويل.. هل كانت الخيارات أمامه متاحة؟ وما الظروف التي كان يعيشها؟ ومن يعمل
في الجامعات العالمية ويصل لدرجات علمية عليا هناك في أمريكا أو الغرب هل يكون
لديه خيار في زيارة إسرائيل أو عدمه؟ وهذا ما جعله يبرر زيارته للكيان الغاصب بقوله
(العلم لا وطن له.. لا سياسة في العلم ولا علم في السياسة) فهو لم يدافع عن نفسه
بالدفاع عن الكيان الغاصب.. ثم إن مشاركته في تطوير الصواريخ الصهيونية هل المعلومات دقيقة؟ وهل
حدث لأن زويل كان يعمل لخدمة الكيان الغاصب؟ أم أن زويل أجرى أبحاثًا ودراسات
علمية استفاد منها الكيان الغاصب لأنه مستيقظ، لكن العرب لكونهم في نومهم غارقون؟؟
أسئلة كثيرة تلزمنا قبل الحكم على الرجل...
اللهم ارزقنا حسن الفهم، واجعلنا هداة مهديين،
واغفر للشيخ وجدي، واهده، واهدنا أجمعين،،
https://www.youtube.com/watch?v=UM-0569Jlgw
https://www.youtube.com/watch?v=UM-0569Jlgw
كلام رائع ووردي في غابة الأشواك التي يحاول أن يزرعها وجدي غنيم ومن هم على شاكلته
ردحذف