الجهاد الاجتماعي!!
الجهاد الاجتماعي!!
نور رياض عيد
لا يقتصر الجهاد على حمل السلاح وخوض المعارك
العسكرية، بل هناك مجاهدون آخرون يخوضون معارك بصورة مختلفة لا يقلون أهمية عن
حملة السلاح، وأعداؤهم لا يقلون شراسة، ومن أعدائهم: الفقر والجوع والحزن والظلم.
وإطلاق هذا المسمى
(الجهاد الاجتماعي) على هذا النوع من العمل والعطاء، ليس من عندي، بل هو من حديث لرسول
الله: "السَّاعِي عَلَى
الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ
اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ"، ولا غرابة أن يكون هؤلاء كالمجاهدين، فإن
الفقر والجوع والحزن والظلم من أخطر الأعداء، وكم من نفس حطمها الجوع! وكم من
إنسان كسره الحرمان! فالفقير وإن لم يجهز عليه الجوع فإنه يحوله إلى إنسان حيٍّ
بجسده، لكنه مدمر المعنوية مسلوب الروح.
أرض المعركة التي
تستخدم فيها القنابل والرشاشات ما هي إلا حلقة من حلقات القتال، فالشعوب قبل
المعارك ينبغي أن تكون مجهزة، وبعد المعارك فهي تحتاج إلى من يضمد جراحها، ويواسي
آلامها، وهذا ما كان يفعله النبي عليه السلام، فكان يحث المسلمين على التكافل
والتعاون والتناصر دومًا، وكان بعد المعارك لا ينسى عائلات الشهداء والجرحى، روى
أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا
عَلَى أَزْوَاجِهِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: "إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ
أَخُوهَا مَعِي".
والجهاد الاجتماعي هو
دعم وإسناد للجهاد العسكري، وذلك أن المجاهد إذا لم يطمئن على زوجه وأطفاله من
بعده، وخشي عليهم من الجوع والفقر، فإنه قد يتردد ويتراجع، أما حينما يعلم أنه بعد
رحيله فإن المجتمع سيحتضن أبناءه فهذا يدفعه للإقدام، ولذلك أخبرنا النبي أن من
يحتضن عائلات المجاهدين فهو مجاهد: "وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ
فَقَدْ غَزَا".
إن المجتمعات التي
يشعر فيها الضعفاء بالظلم، والجياع والفقراء بالحرمان هي مجتمعات مهددة من داخلها،
قبل أن يهددها العدو من الخارج، وذلك لأن عددًا من أبنائها لا يشعرون بالانتماء
لها، وهم إن لم يسعوا للإضرار بها فإنهم لن يستبسلوا في الدفاع عنها، ولسان حالهم
يقول: "كيف أدافع عن وطن لم يطعمني من جوع، ولم يُؤَمّني من خوف؟!"
إن هذا الجهاد يعلو
قدره ويزداد أثره حينما يتحول إلى مؤسسات قوية ضاغطة، لا تكتفي بمساعدة أو نشاط،
بل تسعى لصناعة مجتمع قوي من خلال الدعوة لسن القوانين التي تعزز العدالة والمساوة،
والعمل على إنشاء نظام حكم ينتصر للضعيف ويوقف الظالم.
فيا أيها المجاهدون..
دوركم عظيم، وحملكم ثقيل.. فأعدوا له ما استطعتم من جد واجتهاد، وإخلاص وكفاءة.. فاعملوا
على تشغيل العاطلين، وإطعام الجياع، ومداواة المرضى، ونصرة المظلومين، وتذكروا أن
ما تقومون به هو جهاد، ودرجات الجنات تنتظر المخلصين منكم.
[ملاحظة: الجهاد
الاجتماعي ليس مقتصرًا على رعاية أسر الشهداء والجرحى والأسرى، بل ينبغي أن يشمل
جميع فئات المجتمع]
تعليقات
إرسال تعليق