زدت أم كنت زيادة؟!

زِدْتَ أم كنت زِيَادة؟!
نور رياض عيد

انتهى عام 2014م، ورحل عن عالمنا إلى غير رجعة، وبذلك يكون كل واحد منا قد اقترب خطوة من قبره، وأمضى سنة من عمره [سنة كاملة = 365 يومًا = 8760 ساعة = 525600 دقيقة].. ويا لها من هدية عظيمة أهداك لها رب العالمين.
والعاقل هو الذي يتعامل مع انقضاء مدة من عمره على أن شيئًا كبيرًا قد ذهب منه، وكما يقول الحسن البصري: «ابْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ».
لذلك كان من الواجب على العاقل أن يوجه لنفسه عددًا من الأسئلة يحاسب بها نفسه في نهاية 2014: ما الجديد الذي أضفته لنفسي هذا العام؟ ما الزيادة التي زدتها على هذه الدنيا؟ ماذا قدمت لأمتي؟ أو بأسئلة أكثر تفصيلًا: كم من كتاب قرأت؟ وكم من مشروع أنجزت أو فيه شاركت؟ وكم من مرة للقرآن ختمت؟ وكم من مهارة جديدة اكتسبت؟! وكم من عمل جديد أتقنت؟!
انتهاء الأيام والشهور والأعوام هو تذكير ونذير بنهاية الأعمار، وإنها للحظة مؤلمة أن ينتهي يوم من حياتك دون جديد، فكيف بنهاية سنة كاملة؟! وقد قال الصحابي ابن مسعود: "ما ندمت عَلَى شَيء ندمي عَلَى يوم غربت شمسه نقص فِيه أجلي ولم يزدد فِيه عملي".
إذا كان التاجر يحرص على أن يعمل جرد حساب في نهاية العام ليعرف أرباحه وخسائره المالية، فحريٌّ بكل منا أن يعمل جرد حساب لعامه كيف أمضاه؟ فإن عمر الإنسان أغلى من ماله، فالمال يخزن ويعوض ولكن هيهات أن يخزن الوقت أو يعوض فما مضى منه لا يعود، وقد كان صحابة رسول الله r يحرصون كثيرًا على أوقاتهم، وقد وصفهم الحسن البصري بقوله: "أدركت أقواماً كَانُوا عَلَى أوقاتهم أشد منكمْ حرصاً عَلَى دراهمكم ودنانيركم".
والحث على مراجعة العام ليس دعوة لجلد الذات، إنما هو دعوة للتقييم والتحسين والتطوير، ولو أن كل واحد منا وقف أمام نفسه، وقال لها: لو قدر الله أن يكون عام 2015م هو آخر عام سأعيشه في حياتي: كيف سأقضيه؟ وما الجديد الذي سأضيفه؟ وعليك أن تلاحظ أن مئات –أو أولوفًا- من أمثالك قد غادروا الدنيا في العام الماضي.
 بادر وزِد على الدنيا قبل أن تأتيك مشغلات تشغل وقتك وتنغص عليك حياتك، «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا، مَا تَنْتَظِرُونَ إِلَّا غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ كِبَرًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرٌّ مُنْتَظَرٌ، أَوِ السَّاعَةَ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ».
بعض الناس قد غادر الدنيا بعد أن عاش فيها سنوات قليلة وترك شيئًا خلد ذكره، وآخرون عاشوا سنوات مديدة ورحلوا عن الدنيا وكأنهم لم يكونوا يومًا من سكانها، فكانوا زيادة.
واعلم "إن لم تزد شيئًا على الدنيا كنت أنت زائدًا على الدنيا" هكذا قال الرافعي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟