حتى ترحب بك القلوب!!

حتى ترحب بك القلوب!!
نور رياض عيد

على الرغم من تعدد وسائل الاتصال والتواصل بين الناس في هذه الأيام إلا أن الزيارة تبقى من أقوى وسائل التواصل بين الناس، حتى أن بعضنا يقول لصاحبه: "أريدك في أمر لا يصلح على الجوال، لا بد من رؤيتك"، ففي الزيارة يلقى الإنسان صديقه أو قريبه وجهًا لوجه، فيحادثه، ويضاحكه، ويفضي له بأسراره.. ولِمَا للزيارة من أثرٍ جميلٍ في قلوب الناس اهتم القرآن الكريم بها، وذكر لها آدابًا حتى تؤتي ثمارها المطلوبة في تقوية أواصر الأخوة والمحبة بين أبناء المجتمع، ومن الآداب الجميلة التي يحسن التنبيه عليها:
1-                     ألا يكثر الإنسان من زيارة إخوانه وأقاربه، فإن للناس أشغالًا، وظروفهم لا تسمح دومًا باستقباله، وقد يمنعهم الحياء من إظهار ذلك، وقد روي عن رسول الله –بإسناد ضعيف- أنه قال: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا" ويرى بعض العلماء أن هذا القول هو حكمة وليس حديثًا، ومعناه: لا تكثر من الزيارة، بل خفف من زياراتك، أي زر أحبابك يومًا وابتعد عنهم أيامًا، فيشتاقون لك وتثبت محبتك في قلوبهم.
2-                     ومن لطافة الزيارة أن يكون وقتها قصيرًا، والناس يقولون في أمثالهم: "الزيارة غارة"، للدلالة على قصرها وسرعتها، وأن تغادر بيت صاحبك وهو يتمنى منك الإطالة، خير من أن تمكث مدة طويلة فيتمنى أصحاب المنزل مغادرتك.
3-                     ومن الآداب أيضًا: أن يأتي أحدنا إلى بيت صاحبه بثياب جميلة، فهذا يدل على احترام المزور، ومن القبيح أن يذهب إليه بملابس متسخة أو غير مرتبة، وقد كان السلف إذا تزاوروا تجملوا، وما أجمل هذا الحديث الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: "إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ" فالنبي أراد لأمته أن يكونوا مميزين بجمال لباسهم، وأناقة مراكبهم وخاصة حينما يزورون إخوانهم.
4-                     كم وفر الجوال على الناس من إحراجات، وكم خفف عنهم من جهود وخطوات!! فاتصل بمن ستزوره وخذ منه موعدًا، فإنك بذلك ترفع الحرج عنه ولا تفاجئه بزيارتك، وكذلك فإنك توفر على نفسك الوقت والجهد فقد تذهب وتضيع وقتك ولا تجد صاحب البيت.. ولو أعطاك إذنًا بالمجيء ثم اعتذر فاقبل عذره: "وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ" وقد كان من جميل أدب السابقين، أن يقول الزائر للمزور: لعله قد بدا لك عذر.. كي لا يحرج صاحب البيت.
5-                     بعض الزائرين أشبه بالمحققين الذين يريدون أن يفتحوا كل شيء، ويفتشوا في كل مغلق، ويسألوا عن كل شيء، وهذا لا يليق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ"، ومن الأمور التي تزعج صاحب البيت أن يجد ضيفه قد فتح جواله أو حاسوبه أو فتح خزانةً بغير إذنه فيطلع على خصوصياته.
هذه آداب بسيطة سريعة، لكن أثرها جميل، وأنصح إخواني القراء بقراءة وتوزيع الكتيب الرائع: "من أدب الإسلام" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟