احترم مشاعري!
احترم مشاعري!
نور رياض عيد
ليس الإنسان عظمًا ولحمًا فحسب، بل يتكون من
مشاعر وأحاسيس أيضًا، ومن طبيعة الإنسان أنه يكره أن يقترب أحد من دائرة مشاعره
بالإيذاء، بل قد يحتمل بعض الناس إيذاء الجسد ولا يصبرون على إيذاء المشاعر، ولأن الإسلام
يحرص على أن يتعايش الناس مع بعضهم البعض بحب ووئام، لذلك حث على احترام مشاعر
الآخرين وتقديرها، وبإمكاننا ذكر بعض الأمور التي يحسن بالمرء مراعاتها حتى يحافظ
على مشاعر غيره، وذلك في النقاط التالية:
·
قال عليه الصلاة والسلام: "لَا تَسُبُّوا
الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ"، وقد ورد هذا الحديث في سياق نهي
الصحابة عن سب كفار قريش الذين ماتوا على الشرك، وذلك لأن الميت قد أفضى إلى ما
قدّم، وشتمه سيؤذي أقاربه المسلمين... فما بالنا بسبِّ الميّت الموحد؟!
·
ومن أمثلة جرح المشاعر ما يحدث في بعض البيوت،
فقد تجهد ربة البيت نفسها في طهي الطعام، وبدلًا من أن يشكرها أفراد البيت، يفعلون
عكس ذلك ويعيبون طعامها، فيكسرون نفسها، ولا يُقدّرون تلك الساعات التي أمضتها في
المطبخ لتطبخ لهم.. وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: "مَا عَابَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ
وَإِلَّا تَرَكَهُ" [صحيح البخاري] سواء كان هذا الطعام من خلق الله دون أن
تتدخل فيه يد الإنسان، أو كان هذا الطعام من طبخ إنسان وذلك حتى لا يكسر قلب صانع
الطعام.
·
يحسن بالمرء حينما يلتقي بإخوانه أن تكون
رائحته طيبة، وألا تكون له رائحة كريهة، خاصة حينما يذهب إلى أماكن التجمعات
العامة كالمساجد وغيرها، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا
أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا -أَوْ قَالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا-
وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ" [صحيح البخاري].
·
يقول ديل كارنيجي: "أنا أعرف أن السمك
يفضل الديدان لذلك عندما أذهب للصيد لا أفكر فيما أريد أنا من الفراولة والقشطة،
بل أفكر فيما يريده السمك، بالرغم من أني أفضل أن أضع في سنارتي الفراولة والقشطة،
وأقول: (أيتها السمكة، ألا تحبين تناول هذا؟)" لذلك فإنه من الجميل أن نتعامل
مع كل إنسان حسب عمره وبيئته وطبيعته، فلا نفرض عليه شيئًا لكونه يتناسب مع
أذواقنا نحن، وقد كانت السيدة عائشة شابة حديثة السن حينما تزوجها رسول الله، فكان
عليه الصلاة والسلام يقدر متطلبات هذه المرحلة العمرية فيسمح لها باللعب والترفيه،
فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ الحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ،
فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْظُرُ،
فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ"، تُعلِّق أمُّنا
عائشة على ذلك موصية المسلمين بقولها: "فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ
الحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ".
يجدر بكل منا أن يهتم بمشاعر غيره، وأن يحرص على عدم جرحها
أو حتى المساس بها، وليضع كل واحد منا نفسه مكان الشخص الآخر، مطبقين قول النبي:
"وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"
[صحيح مسلم].
تعليقات
إرسال تعليق