د. أحمد يوسف يعتذر!!
د.
أحمد يوسف يعتذر!!
نور
رياض عيد
كثيرون
منا يتحدثون عن ثقافة الاعتذار وعن جمالها وأهميتها، لكن قليل هم الذين يطبقونها،
وقليل من المطبقين من يحسنون التطبيق، وبعض الذين يطبقونها خاصة من القادة
والسياسيين، يتفننون في إفراغها من مضمونها، فتصبح أشبه بالتبرير والعناد أكثر من
كونها اعتذارًا.
وتكمن
روعة الاعتذار حينما تصدر من شخص تشعر أنه صادق، وأن أفعاله تتطابق مع أقواله،
وأنه حريص على تصويب المسار وتصحيحه.
ليس
بيني وبين الدكتور أحمد يوسف معرفة شخصية، لكني معجب بالكثير من أفكاره، وأُكْبِر
فيه حرصه على الوحدة الوطنية، ورفضه الاقتتال الداخلي، ورؤيته الواقعية للقضية
الفلسطينية دون تشنج أو سباحة في الخيال.
وقد
قرأت كتابًا للدكتور أحمد يوسف بعنوان "مذكرة النصيحة" وهو عبارة عن مجموعة
رسائل أرسلها للقيادة الفلسطينية: (عباس – مشعل – هنية – دويك –فياض) تلحظ في
الرسائل الأدب وجميل الخطاب، والحرص على الوطن.
وما
أريده في هذا المقال ذلك الاعتذار الذي قدمه د. أحمد يوسف عن "الكل"
الفلسطيني، المتمثل في الجيل القيادي والفصائل الفلسطينية المختلفة، هذا الاعتذار
الذي ينم عن وعي ووطنية، يقدمه أحمد يوسف لجيل الشباب ليعطينا نظرة تحليلية لتلك
الأحداث الأليمة التي أوجعتنا في سنة 2007، حيث قتل الفلسطيني أخاه، وسفك دمه،
وحملنا السلاح على بعضنا البعض.
يقول
في تحليله للأسباب العميقة للمشكلة: "لا شك أن الطريقة التي تمت فيها تربيتنا
الفكرية قد جعلت الواحد منا يُعظّم صنم الحزب أو التنظيم فوق الوطن، بحيث حُمِّل
كلٌّ منا للآخر جملة من الشعارات والاتهامات كرست مع سنوات الخلاف التي أعقبت مجيء
السلطة في 94 حالة من الاحتقان والتصدع والكراهية انفجرت في وجهنا جميعًا في
المواجهات الدامية عام 2007".
ثم
يعترف بالخطأ بروح الفلسطيني الغيور قائلًا: "لقد أخطأنا بحق بعضنا البعض،
وتجرأنا جميعًا على ارتكاب خطيئة القتل جراء تلك المنهجيات الخاطئة وثقافة إنكار
الآخر ومنطق الهيمنة واحتكار الوطنية وتجاهل عطاءات شركاء الساحة وتضحياتهم".
ثم
يطالب القادة أن يقدموا اعتذارهم للأجيال: "إن جيل القيادة اليوم يجب أن
يعتذر لكم، لقد غرسوا ثمرة مُرّة جعلتنا غير قادرين على العمل معًا في وقت نحن فيه
بأشد الحاجة لوضع إمكانياتنا لمواجهة مخططات العدو المحتل...".
ولا
ينسى أن يقدم اعتذارًا عن نفسه وعن هيئة الوفاق الذي هو عضو فيها قائلًا:
"وأصالة عن نفسي وعن هيئة الوفاق الفلسطيني فإني أعتذر لهذا الجيل من الشباب،
وأعاهد الله أن أعمل ما حييت من أجل إعلاء ثقافة التعايش والتسامح والتآخي
والتعايش والحب بين أبناء هذا الوطن، وأن أجتهد لإصلاح ما أفسدته الثقافة الحزبية/
الفئوية لكوادرنا الوطنية والإسلامية".
هذا
المقال كما لاحظتم معظمه نقل لكلمات الدكتور أحمد يوسف من الكتاب المذكور ص 103، وأسأله
الله أن يكتب لي أجر إخراجه من الكتاب وإعادة نشره لنستفيد منه جميعًا..
تعليقات
إرسال تعليق