ثقافة الممكن!!

ثقافة الممكن!!
نور رياض عيد

"صناعة القائد"، "صناعة المثقف"، "صناعة الخطيب"، "صناعة النجاح"، "صناعة الوعي" إلخ.. من الجميل أن تغزو كلمة "صناعة" ميادين كثيرة في حياة الناس.. ومفاد هذه الكلمة أن الإنسان صاحب إمكانيات عالية وبإمكانه أن يتدرب ويتعلم ويكتسب مهارات كثيرة، وأن النجاحات لا تقوم على المواهب فقط كما يظن بعض الناس، بل إن الإنسان إذا وجدت لديه الملكات الرئيسة المتعلقة بالمجال الذي يريد أن يبرع فيه فالتمرين سيمكنه من ذلك، وقد قال سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ».
إن قدرات عظيمة دفنت بسبب كلمات قاتلة قيلت، مثل: "أنت لست موهوبًا في هذا الأمر – هذه المهارة لا تتطور بالتدريب – مهما تدربت فلن تصل"، وما من شك أن هناك نسبة قليلة من الناس لديهم موهبة عالية في بعض الأمور، لكن هذا لا يعني أن بقية الناس عاجزون عن تحقيق نجاحات ملحوظة في مجالات كثيرة حتى وإن لم يكونوا من ذوي الموهبة العالية.
إن هناك كلمات يحذفها الناجحون من قاموسهم: "لا أدري – لا أستطيع – ليس بإمكاني" بل عليه أن يتعود على التمرن والتدريب، وأن يطبق على نفسه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ".
إن مشكلة كثيرين منا أنهم لا ينالون شرف المحاولة، ويأسرون أنفسهم في قفص الخوف والتردد، يقول الدكتور عبد الكريم بكار: "إن الثقة بالنفس تتكون لدى الإنسان وتتعزز عبر النجاحات التي يسجلها في حياته، وعبر أشكال التفوق على الأقران والمنافسين، وهكذا فلا بد للمرء حتى يثق بنفسه من أن يقوم بشيء ما على نحو ممتاز" لذلك من جميل ما يروى عن نابليون، أنه كان يقول: من قال لا أستطيع.. قلت له: حاول، من قال: لا أعرف، قلت له: تعلم.. ومن قال: مستحيل، قلت له: جرب!!
إن النماذج الناجحة التي مرت في تاريخنا الإسلامي تمنحنا الثقة بالنفس، فأسامة بن زيد كلفه النبي بقيادة جيش وهو في السابعة عشر من عمره، وعمر المختار دوّخ الطليان وقد جاوز السبعين، وابن أم مكتوم كان يستخلفه النبي على المدينة وهو كفيف، وعمرو بن الجموح قاتل مع النبي رغم عرجه.. وغيرهم.
من المحزن أن يقوم بعض الأشخاص بتخويف الناس من البدء في أي مشروع، بل إن بعض المختصين بالدرسات الشرعية يعرض العبادة للناس على أنها شيء صعب ومعقد، ومن الصعب فهمه وتبسيطه، مع أن رب العالمين يقول عن القرآن الكريم: " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ".
علينا أن نعلم أن محور الفروقات بين الناس هو الإرادة، وإن مشكلة المنافقين الأساسية لم تكن في قدراتهم بل في إرادتهم، وقد فضحهم القرآن الكريم بقوله: "وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟