إني معجب بالغرب!!
إني معجب بالغرب!!
نور رياض عيد
يغضب بعض المسلمين حينما يسمعون أحدًا يثني على
الغرب، بل ويرى بعضهم أن في ذلك خدشًا للإيمان، وجحودًا لمحاسن الأمة، والحقيقة غير ذلك، فإن
الإنصاف من الدين، وقد علمنا إسلامنا أن نقول للمحسن أحسنت في المجال الذي أحسن
فيه ليزداد، حتى وإن اختلفنا معه في بقية المجالات.
وعلى الرغم من موقف الصدام الذي أخذه كثيرون من
أهل الكتاب من الرسالة المحمدية، إلا أن القرآن الكريم كان يلفت انتباه المسلمين
إلى الخير الموجود عند أهل الكتاب ويثني عليهم: )وَمِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ..(.
إن العالم الغربي اليوم له
إيجابيات كثيرة تدفع المسلم أن يبدي إعجابه به، خاصة حينما نقارن بينه وبين عالمنا
العربي، وإذا أردت أن ترى ذلك فاعقد مقارنة بيننا وبينهم في عدد من الأمور التي
يتفق الجميع على احترامها: (الحرية – البحث العلمي – القراءة - النظافة – احترام
المعاقين والفئات المسحوقة- حقوق العمال – احترام الوقت- ...) والقائمة تطول.
إن خوف الثناء على الآخرين
والاستفادة مما عندهم تسطير على عدد منا لأسباب مختلفة، لكن ذلك لم يكن عند
الصحابة، بل إن ما نجده من إنسانية عند الغرب نرى الصحابة قد ذكروه وأثنوا عليها
منذ قرون طويلة بصورة عجيبة، فقد روى مسلم في صحيحه، أن المستورد القرشي قال عند
عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ
النَّاسِ" فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَئِنْ
قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ
النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ،
وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ
وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ
الْمُلُوكِ.
لقد قام المطعم بن عدي – أحد كفار قريش- بموقف
طيب في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يوم بدر، وأسر الصحابة عددًا من كفار
قريش، تذكر النبي ذلك الموقف للمطعم وكان يومها المطعم ميتًا، فقال النبي عليه
السلام والأسرى أمامه: "لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى
لتركتهم له" وكون المطعم مات كافرًا ومنتميًا للمعسكر المعادي لم يمنع ذلك رسولنا
المصطفى من أن يتذكر موقفه الطيب.
لقد زار الداعية د. عائض القرني فرنسا، فكتب
مقالًا بعنوان "شكرًا يا فرنسا" جاء فيه: "ووالله الذي لا إله إلا هو
لقد ألقينا دروسنا وخطبنا في آلاف المسلمين هناك، وبعض الدروس يصل الحضور فيها إلى
خمسة آلاف رجالاً ونساءً وما سُئلنا عن كلمة ولا أُوقفنا عند إشارة وما نوقشنا عن أي
جملة، بل وجدنا كافة التسهيل من الفرنسيين إلى درجة تنظيم بعض المحاضرات وتسهيل الوصول
إلى المساجد، بل ويعلم الله لقد قام التاجر الفرنسي (داسو) صاحب شركة داسو للطيران
ببناء وتوسعة المسجد وإمداده بما يلزم من سكن ومواقف سيارات لحسن تعامل المسلمين معه
مما جعلنا نشكره علناً ونقدم له هدية باسم المسلمين، وقد أعلن هو في الجموع أنه يحترم
الإسلام الدِّين العالمي العظيم، وفي جامع (لدرنس) بباريس قام تاجر فرنسي آخر بالتبرع
بالأرض ومبلغ ثلاثة ملايين يورو لبناء المركز الإسلامي هناك؛ لأن الجالية الإسلامية
صوّتت له في الانتخابات".
إن الثناء على شخص لا
يعني أننا نوافقه على كل ما يفعله، فالمسلم المعتز بدينه لا يعجب ولا يرضى بإباحية
الغرب، وتفككه الأسري، وخواءه الروحي، وعربدته على الشعوب الضعيفة وسرقته
لمقدراتها، لكننا نثني على أعمال إيجابية كثيرة سبق ذكرها، بل من الوفاء أن يعترف
الإنسان بالإحسان... وعلىينا أن نعترف أنه ليس بإمكاننا الاستفادة من الغرب ونحن نحرص كل
الحرص على إبراز سلبياته، كيف نشوهه ثم نستفيد منه؟!
تعليقات
إرسال تعليق