المقاومة.. وبندقية غزة!!
المقاومة.. وبندقية غزة!!
نور رياض عيد- غزة
لأسباب عديدة تركزت المقاومة
الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، أهمها أن حركة المقاومة الإسلامية حماس هي التي
تحكم غزة، ومما لا شك فيه أن قدرات المقاومة قد تضاعفت، وأمسى لديها جيش قوي، ولم
تعد عشوائية، بل لديها تنظيم، وتخطيط إلى حد ما.
وعلى الرغم من تطور المقاومة إلا
أن خياراتها العسكرية في السنوات الأخيرة أمست محدودة، فهي أمام خيارين: إما حالة
من الهدوء، أو حرب طاحنة، ولا يوجد خيار ثالث.. وخلال فترات الهدوء تضطر حركة حماس
لمنع إطلاق الصواريخ، أو تنفيذ أي عملية في غير وقت الحرب.. ومن الظلم مساواة موقف
حماس من إطلاق الصواريخ بموقف السلطة في رام الله، فحماس ما زالت على رأس
المقاومة، واختلافها مع مطلقي الصواريخ خلاف على التوقيت لا أكثر... وإطلاق
الصواريخ في غير الوقت المتفق عليه يكلف الحكومة التابعة لحركة حماس الشيء الكثير،
كما أنه يعيق عملية الإعداد والتجهيز.
أمسى واضحًا أن المقاومة أمست محشورة
في هذه البقعة الضيقة المكتظة بالسكان والأزمات معًا، فغزة أمست هي ميدان الصراع،
فكل طلقة أو صاروخ هي تكلفة لغزة، على خلاف ما كان في (2000-2005) حيث كان عدد
كبير من العمليات يحدث داخل أراضي 1948م.
وقد
حاولت كتائب القسام ذراع حماس المسلح نقل تجربة المقاومة إلى الضفة الغربية، إلا
أن المقاومة في الضفة ما زالت متواضعة، ولم تصل للزخم المطلوب، خاصة أن السلطة في
رام الله ترفض العمل المسلح جملة وتفصيلًا، وتلاحق أي نفس للمقاومة.
ليس هذا فقط، فإضافة إلى المشكلات
التي تغرق فيها غزة، حيث يعيش فيها مليونا مواطن.. بل إن الكيان الغاصب في الفترة
الأخيرة قام بأمرين هما بمثابة زيادة اللعب في أرض غزة، الأول هو زيادة إدخال المخدرات
إلى غزة، فما ضبطته مكافحة المخدرات في شهر يناير/2017 يساوي ما تم ضبطه خلال عام
2016كله، وتشير بعض التحقيقات إلى وجود دور واضح للعملاء في ذلك، ويتم إدخال
المخدرات بالتنسيق مع الاحتلال.
الأمر
الثاني الذي يبدو أنه لعب جديد من أجهزة الاحتلال داخل غزة هو عملية اغتيال الأسير
المحرر مازن فقها، خاصة أن هذه العملية مختلفة عن عمليات الاغتيال السابقة، وهي
تعد عبثًا بالأمن في قطاع غزة [مع ملاحظة أن نتائج التحقيقات النهائية لم تصدر بعد
عن وزارة الداخلية بغزة].
الملخص: المكان الوحيد الذي تخاض فيه
المعركة ضد الاحتلال هو غزة، وبذلك تم تحييد الضفة إلى حد ما، وأمست دولة الكيان
في هدوء نسبي مقارنة بفترة العمليات الفدائية في (2000- 2005).
أمام هذا الواقع نقف أمام تساؤلات
لا بد أن تضعها المقاومة الفلسطينية على طاولة البحث، منها:
·
هل هذا
الوضع هو لمصلحة الفلسطينيين أم أنه يشكل راحة لدولة الاحتلال؟ فهي اليوم مهيأة
نفسيًا لخوض حرب لأيام أو شهور تستخدم خلالها أقوى أنواع الأسلحة، وتصب نيرانها
المجنونة على منطقة مكتظة بالسكان العزّل، ثم تنعم بعد ذلك بأمن وأمان لسنوات، وهي
مستعدة لدفع تكلفة للحروب، لكنها تكلفة لا تهز الكيان، ولا تهدد وجوده، وحكومة
الاحتلال قادرة على تبريرها أمام شعبها.
·
لماذا تلزم
حماس نفسها في فترات الهدوء بحماية الخط الحدودي الفاصل لتمنع بقية حركات المقاومة
من إطلاق الصواريخ أو محاولة تنفيذ عمليات صغيرة؟ خاصة أنها لم توقع اتفاقات تهدئة ملزمة لها مع الاحتلال، صحيح أن حماس اليوم لديها إعداد
على مدار الساعة وأن الرد الصهيوني على العمليات الصغيرة قد يعيق إعدادها، ويكلفها
أثمانًا في غير وقت المعركة المنتظرة، كما أنها يكلف حكومتها جهدًا كبيرًا في حال
اضطرت لإخلاء المواقع والمقرات وإعلان الطوارئ.. لكن، أيهما أكثر جدوى استمرار
حالة استنزاف الاحتلال من خلال إشراك جميع أجنحة المقاومة في العمل المسلح أم
استمرار حالة الهدوء إلا في فترات الحرب الطاحنة التي لا تستطيع معظم الفصائل عمل
شيء نظرًا لضعف إمكانياتها مقارنة بالأجنحة العسكرية الكبرى كالقسام وسرايا القدس؟
فالأجنحة الصغرى لديها القدرة على القيام بعمليات محدودة كإطلاق الصواريخ لكن
حجمها وإمكانياتها وإعدادها لا يؤهلها للمشاركة الفاعلة في الحروب.
·
هل هو في
مصلحة القضية أن تخوض غزة كل ثلاث أو أربع سنوات حربًا يظهر فيها للعالم أنها حرب
بين جيشين متكافئين خاصة في ظل ضعف الجهد الإعلامي والقانوني الفلسطيني الخارجي؟
وتنتهي الحرب بأعداد كبيرة من الشهداء والجرحى والأرامل والأيتام والبيوت المهدمة
الذين تنوء بحملهم غزة المسكينة، لتمكث غزة بعدها سنوات تضمد جراحها، وقبل أن
تنتهي من ذلك تخوض حربًا جديدة.
· هل بالإمكان عودة المقاومة لما كانت عليه قبل 2005م
مثلًا؟ أم أنه زمان وانتهى؟ وهل كانت تلك الفترة أفضل من اليوم أم أننا اليوم أفضل؟
وهل خوض حركات التحرر الوطني للمعارك بهذه الطريقة مع دولة مدججة بأقوى الأسلحة ومسنودة
بدعم عالمي غير محدود سيكون في صالح القضية الفلسطينية؟
لا يغيب عن بالي أن أنبه القارئ
إلى أن قيادات حركات المقاومة كحماس والجهاد موجودون في دول مفتوحة على العالم
[قطر وتركيا]، هذه الدول تخضع للقوانين العالمية المختلفة، لذلك ليس بإمكان القسام
أو السرايا اليوم تنفيذ عمليات استشهادية في قلب الكيان، ومن ثم تعلنان عنها بنفس
الكيفية، دون أن تكون هناك ملاحقة قانونية لقياداتها.. وهذا يدفع للبحث عن صيغ
مختلفة كي لا نحرج قطر وتركيا أمام العالم، ونتمكن من خلالها من إرهاق الكيان،
وجعله حلبة للصراع، وتخفيف الويلات عن غزة، والنأي بها عن كونها ميدانًا وحيدًا
للحروب الحارقة، ومن الأسئلة التي تسأل هنا: هل الحل في أن تنفصل الأذرع العسكرية
عن الأجنحة السياسية تمامًا؟ هل الحل في أن تتشكل أجنحة عسكرية جديدة لا تخضع
للموازنات التي تخضع لها الحركات المعروفة؟ هل هناك خيارات أخرى؟
من
الواجب على المقاومة اليوم أن تقيم تجربة الحروب في غزة، لنعرف: هل المقاومة من
خلال الحرب أكثر فائدة لشعبنا من المقاومة اليومية التي كانت أشبه بحرب العصابات،
التي تقوم على إطلاق صاروخ هنا، وعملية قنص هناك، وهكذا؟؟
لنتساءل حول كل شيء، ولا مانع حتى أن نسأل: هل المقاومة المسلحة مجدية في هذا الوقت؟ وهل هناك وسائل مقاومة أخرى لم نستعملها الاستعمال الصحيح؟ وما هي الأهداف التي نريد الوصول إليها؟ ومتى؟ وكم تحقق منها؟
لنتساءل حول كل شيء، ولا مانع حتى أن نسأل: هل المقاومة المسلحة مجدية في هذا الوقت؟ وهل هناك وسائل مقاومة أخرى لم نستعملها الاستعمال الصحيح؟ وما هي الأهداف التي نريد الوصول إليها؟ ومتى؟ وكم تحقق منها؟
ولا
تغضب من أن تضع كل شيء على بساط البحث، فالثابت الوحيد في عالم المقاومة والسياسة
هو: المصلحة الحقيقة للناس!!
وتذكر
أن المقال هو مجموعة تساؤلات.. وهل حقًا أصاب كاتب المقال في التساؤل؟؟!!
تعليقات
إرسال تعليق