بياع إنجازات!!
بيّاع
إنجازات!!
نور
رياض عيد
من لم يجرب الحكم ولم يعرف صعوباته يبقى
ينظر للأمور بطفولية يحاول من خلالها أن يرسم الدولة الفاضلة والإنجازات الكبيرة،
والمشاريع الخيالية، ويوم أن يجلس على الكرسي تتغير نظرته وتتوقف تجارة الإنجازات
إن كان صادقًا.
ليس سرًا أن الإسلاميين يوم أن كانوا
بعيدين عن الحكم، وبدأوا بالتنظير لبرامجهم، رسموا للشعوب المستقبل المشرق، ولم
يحدثوهم عن شيء من تاريخ الإسلام سوى عن الازدهار منقطع النظير الذي حدث في فترة
خلافة عمر بن عبد العزيز، فلم يبق فقير ولا أعزب في الأمة، حتى أكلت الأطيار من
خير المسلمين كما تذكر الروايات التي نقرأها دون فهم ملابساتها، وكأن التاريخ لم
يعرف حقبة سوى تلك الفترة.. وكأن الأمة لم تعش عام مجاعة في زمن الفاروق عمر بن
الخطاب!!
ما حصل مع الإسلاميين أنهم تفاجأوا بالواقع
وقصرت إمكانياتهم عن الوصول إلى عُشْر ما رسموه، وبنفس المنطق الذي تعامل به
الإسلاميون يتعامل معهم خصومهم اليوم، ويطالبونهم بأمور تعجز عنها دول متقدمة.
من السهل أن تتاجر بالإنجازات من خلال
الخطب الرنانة، والشعارات الطنانة، لكن عليك أن تعلم أن الشعوب لا تنسى، وأن البخل
بالوعودات خير من الكذب في الإنجازات.
وإذا كان الإنسان حينما تغرقه الديون
يبدأ يكذب في حديثه، ويخلف في وعوده، وكذلك من يعطي وعودًا كبيرة وكثيرة، فإنه
سيصبح مدينًا للجماهير فيضطر للكذب وإخلاف الوعود.
لعل من المهم أن نساهم في تثقيف الناس
بكيفية المحاسبة بناءً على الصلاحيات والإمكانيات، وأن نبين لهم حجم الفروقات
الكبيرة بين الماضي واليوم، وأن نعرفهم على شح الموارد الذي يحياه العالم اليوم،
وأن يدركوا أن الأمور بين الحاكم والمحكوم قائمة على الحقوق والواجبات... والأهم
من ذلك أن نتوقف عن بيع الإنجازات للفوز في الانتخابات.
إذا لم نتعاون في نشر هذه الثقافة،
فإننا سنبقى ضمن دائرة بيع الإنجازات قبل وصولنا للحكم، وعدم القدرة على تنفيذها
ونحن في الحكم، وستبقى المعارضة تطالب الحكومة بالمستحيلات وهي خارج الحكم.
تعليقات
إرسال تعليق