أنا رئيس حالي!!

أنا رئيس حالي!!
نور رياض عيد

مظاهر الفوضى في حياتنا متعددة، بل أمسى غياب النظام أمرًا عاديًا لا يبعث على النقد والضجر، ويريد كل واحد منا أن يمضي في حياته كلها على مزاجه، لا يقيم وزنًا لأحد، ولا يعمل حسابًا لنظام متبع أو لمسئول.
أحد الأسباب التي تقف خلف هذه الحالة، تلك العبارة التي نسمعها بين الفينة والأخرى من بعض الناس حينما يقال لهم: "هذا الأمر الذي تقوم به مخالف لخطة العمل، أو للقوانين المتبعة"، فيجيب قائلًا: "أنا لا أتبع أحدًا، أنا مسئول حالي، وآخذ قراري من رأسي".
قد يكون من حقك أن تأخذ قرارك من رأسك إذا رفضت العمل في مؤسسة أو إذا استطعت أن تحيا منفردًا ليس لك أي ارتباط بالآخرين، لكن هناك أمور في الحياة ليس بإمكانك أن تتحلل من كل التزاماتها، وأن تمضي على "حل شعرك" كما يقال.
الكون كله بني على وجود رئيس ومرؤوسين، فالذرة تتكون من نواة تعد مركزًا للذرة، وتدور حولها إليكترونات، وسرب الطيور فيه قائد تحلق بقية الطيور خلفه، والأسرة يقودها الرجل وتسنده المرأة لتمضي سفينة الأسرة نحو بر السعادة والأمان.
لذا يحرص الإسلام حرصًا كبيرًا على أن يظهر المجتمع المسلم بصورة منظمة مرتبة، ويجعل من الصلاة نموذجًا مصغرًا لما ينبغي أن يكون عليه الحال في المجتمع الكبير، فالصفوف يجب أن تكون مستقيمة متصلة، والأجساد متقاربة، وللجماعة إمام يَأتَم به المصلون، لا يجوز لأحد أن يسبقه، وإذا أخطأ – لأنه ليس معصومًا- فعلى المصلين أن يصوبوا خطأه، وهكذا.
ولأهمية النظام في حياة الأمة حرص النبي عليه الصلاة والسلام على وجود قائد في كل تجمع للمسلمين مهما قل هذا الجمع أو كثر، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ».
ولتشجيع الناس على العمل الجماعي وعلى طاعة الأمير، رتب ديننا الأجر والثواب على طاعة المسئول ما لم يأمر بمحرم، ففي شأن الأسرة جاء في حديث لرسول الله أن المرأة إذا أدت الشعائر التعبدية من صلاة وصيام، وأطاعت زوجها: "قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت".
ومن المهم أن ننتبه إلى طريقة اختيار قادتنا، وأن يكون القائد شوريًا ذكيًا حكيمًا، يحسن كسب أتباعه، ويشركهم في اتخاذ القرارات، حتى يعين الناس على طاعته والسير معه.

شيء جميل أن نتعود على تعزيز ثقافة فريق العمل القائم على الاحترام والالتزام، حتى نصل لتحقيق أهدافنا، ونمضي نحو نهضة أمتنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السخرية من سن التسعين!!

إيثار.. لا يخطر على بال!!

هل يجوز رفع صوت الراديو بالقرآن الكريم إذا كان يؤذي الجيران؟