الجدل الخبيزي!!
الجدل
الخبيزي!!
نور
رياض عيد - غزة
الجدل
البيزنطي هو نقاش لا طائل تحته، يتناقش فيه طرفان دون أن يقنع أحدهما الآخر، ودون أن
يتنازل كلاهما عن وجهة نظره.
يُنسب
هذا الجدل إلى بيزنطة، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، التي عُرفت أيضًا بالقسطنطينية،
ويقال: إن سبب ضرب المثل بالجدل البيزنطي، أنه في القرن الخامس عشر الميلادي،
عندما حاصر السلطان المسلم محمد الفاتح القسطنطينية، وبينما كان مصير الإمبراطورية
بأكملها على المحك، كان مجلس شيوخ المدينة مشغولًا بمناقشة أمور فقهية ولاهوتية لا
طائل تحتها، مثل جنس الملائكة (أهم من الذكور أم من الإناث؟)، وحجم إبليس (هل هو
كبير أم صغير؟)، وبينما كان الجدل محتدمًا في قاعة مجلس الشيوخ، كان القتال يدور
في شوارع بيزنطة بعد أن تمكن الجيش المسلم من اقتحام أسوارها. [من موقع ويكيبيديا
بتصرف]
يبدو
أن هذه هي عادات المنهزمين دومًا، فالهزيمة لها أهلها ورذائلها، ونقائصها.. فالعرب
اليوم يدخلون موسوعة جينتس ببطونهم لا بعقولهم، يدخلونها بأكبر كبسة وأكبر صينية
كنافة، وتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي حول فستان الفنانة، وأغنية الخبيزة، وعدد
مرات طلاق الرقاصة، و....
وإذا
كان العالم الأول تنتشر بين أبنائه ممارسة الرياضة ومشاهدتها، فإن العالم الثالث
يتعامل مع الرياضة على أنها مشاهدة لا ممارسة، لكنها مشاهدة تحاط بالتعصب المقيت،
وتنتهي بصراعات ونزاعات، وقد يكون معظم المتقاتلين ممن يعانون من السمنة!!
أظن
أن واحدة من الطرق التي تقاس بها ثقافات الشعوب ورقيها: البحث عن القضايا التي تشغلها،
وتحتل حيزًا من وقتها.. ما هي القضايا التي تشغل شعوبنا، وتحتل جزءًا كبيرًا من نقاشنا
على مواقع التواصل الاجتماعي؟؟ كم من الوقت والجهد يتبقى لدى شعوب تنفق جل طاقتها،
على توافه الأمور؟! ماذا أبقينا للقضايا الكبرى بعد أن استنزفنا أنفسنا في أشياء
لا قيمة لها؟!
من
روعة القصص القرآن الكريم أنها لا تتعرض للتفاصيل التي لا تفيد، لكن بعض أفراد
الأمة شغلوا أنفسهم بقضايا لا قيمة لها مثل لون الكلب الذي رافق أصحاب الكهف!!
ولقد
قدم لنا القرآن الكريم صورة لربنا جعلت قلوبنا تخشع وتنيب للواحد القهار.. الرحيم
الرحمن.. فجاءت الأمة وبدأت تتجادل: كيف علا على العرش؟ وهل له يد أم ليس له يد؟
وصار من يدرس هذه المقررات يتعلم الجدل والأخذ والرد، لكنه لا يخشع للخالق.
ولقد
كان الأعرابي يأتي إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعلم أركان الإسلام
في دقائق معدودات، لكننا اليوم نثير معارك حول مكان وضع اليدين، وتحريك الأصبع في
التشهد، والنزول بالركبتين، وهل يفطر الصائم إذا نفخ البالون؟ وهل تفطر قطرة
العين؟ أما القضايا التي تزلزل عروش الظالمين، فحجمها أصغر من ذلك بكثير.
إن
الأمم المتقدمة تركض سريعًا نحو التقدم والرقي، ونحن ما زلنا نمشى القهقرى، مع أن
ديننا يدفعنا دفعًا نحو التقدم والرقي..
ما
أجمل أن نجد لدى الشباب العربي وعيًا يعمل على توجيه الرأي العام نحو القضايا
الكبرى، وأن يساهموا في إماتة القضايا التافهة بإهمالها!!
تعليقات
إرسال تعليق