لماذا يفوز إسلاميو تركيا ويفشل الإسلاميون العرب؟ [2]
لماذا
يفوز إسلاميو تركيا ويفشل الإسلاميون العرب؟ [2]
نور
رياض عيد
[الحلقة الثانية]
في
بداية هذا المقال يجدر التنويه إلى أن تركيا اليوم تواجه تحديات كبيرة، وأن النجاح
في الانتخابات لا يعني أن الصعوبات قد انتهت، وأمنياتنا ودعواتنا أن يحفظ الله
استقرار تركيا، وأما عن النقاط المكملة لما مر معنا في المقال السابق، فهي:
سادسًا:
فاز العدالة والتنمية لأنه يؤمن بوجود الخير في قلوب
الناس على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وأفعالهم، وأن وظيفة المصلحين أن
يحركوا الخير الكامن في النفوس، لذلك قرأت أنه في انتخابات البلديات الأولى التي
كان يخوضها أردوغان كانت فرق العمل الداعية لانتخاب أردوغان لا تترك مكانًا إلا
وتدخله بما في ذلك المقاهي، والحانات، والخمارات، وبيوت الدعارة، وقد استخدم أردوغان
في تلك الدعاية فتيات غير محجبات، لكنهن مؤمنات بضرورة الإصلاح في تركيا... وقد كان
أردوغان بنفسه يخاطب السكارى، حتى قال له بعضهم مرة والدموع تنهال من عيونهم:
"يا ريس إننا ضعنا ولم يعد فينا أمل أو رجاء، فلا عليك بنا، ولكن أنقذ
أطفالنا وصغارنا من الضياع".
سابعًا:
نجح حزب العدالة والتنمية لأنه آمن بالديمقراطية الحقيقية وسيلة للتداول السلمي
للسلطة، ولم يتعامل معها على أنها كفر أو رجس، كما كان وفيًا للشعب الذي اختاره،
فلم يكن من أصحاب "ديمقراطية المرة الواحدة" كما ينظر لها بعض
الإسلاميين، ويعبرون عن ذلك بقولهم: (الانتخابات حرام، ولكنا ندخلها كي نصل إلى
كرسي الحكم، فإذا تمكنا ألغينا الانتخابات وحرمناها)... وإن
إيمان العدالة والتنمية بالديمقراطية جعلت عيونه دومًا منتبهة إلى أنهم إن لم
يحسنوا خدمة الجماهير، فإن الجماهير ستعاقب الحزب في صناديق الاقتراع.
ثامنًا:
نجح أردوغان لأنه استطاع أن يكون القائد الإنسان، الذي يمتلئ قلبه رحمة وعطفًا، فمن أوائل القرارات التي اتخذها أردوغان في سنة 1994م أنه منح
الأطفال المعاقين ركوب سيارات النقل الجماعي الخاصة بالبلدية مجانًا، والعلاج
الصحي مجانًا(1).
وقد
كان من عادة أردوغان أن يزور بيوت الفقراء ليقدم لهم المساعدات بنفسه، ويتناول
معهم الطعام القليل الذي قد لا تستسيغه النفس، وكان يصطحب معه عددًا من قيادات
الحزب، حتى يعايشوا الفقر، وألا يظلوا عديمي الإحساس بهؤلاء الفقراء(2).
وقد
عرض عليه أحد مساعديه ألا يذهبوا إلى البيوت الفقيرة، وأن يرسلوا المساعدات إليهم
مع أحد الموظفين، فرفض أردوغان، وقال: "إنني أوقع كل
يوم على مستندات كثيرة بها مبالغ ضخمة، وإن للأموال جاذبية، ولو لم نرَ فقر هؤلاء
الأهالي، فكيف يتسنى لنا إصلاح نفوسنا؟ كيف نتغلب على ألا نأكل الحرام أو
نستسيغ منه لقمة واحدة؟ وكيف نقاوم جاذبية هذه الأموال في لحظة نكون فيها
بمفردنا؟"(3)
(1)
رجب
طيب أردوغان.. قصة زعيم: حسين بسلي وعمر أوزباي، ترجمة: د. طارق عبد الجليل، ص 160.
(2)
المرجع
السابق: ص 203.
(3)
المرجع
السابق: ص 205
تعليقات
إرسال تعليق